ترجمة حامد أحمد
الخط الساحلي الوحيد للعراق يمتد على طول 36 ميلاً فقط .. المنفذ الضيق عند الطرف الشمالي لمياه الخليج يعتبر حيوياً جداً لرابع أكبر منتج للنفط في العالم حيث يصدر ما يقارب من ثلاثة أرباع انتاجه النفطي عبر ميناء البصرة .
فقدان هذا المنفذ الحيوي لزبائنه من مستوردي النفط الآسيويين والأوروبيين والأميركان سيكون كارثياً على اقتصاد البلد ، وإن الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط في المنطقة ، بضمنه سقوط صاروخ بمقربة من مجمع نفطي في البصرة يضم عدة شركات نفط عالمية قد وضع المسؤولين على المحك .
الحكومة الفدرالية في بغداد تفتقر الى البدائل المناسبة عن الشريان الحيوي لاقتصادها المتمثل حالياً بصادراتها للنفط عبر الخليج .
بول شيلدون ، مستشار جيوبولتكي لدى وكالة غلوبال بلاست للطاقة ، يقول " في الوقت الذي تتعرض فيه السوق النفطية لمخاطر الأحداث الأمنية في الخليج وكذلك ما حدث في البصرة فإن العراق يمثل أيضاً مسرحاً لتوترات محتملة بين إيران والولايات المتحدة ."
واستنادا لأحدث مسح اجرته وكالة غلوبال بلاست على انتاج أعضاء أوبك فإن العراق قد ضخ معدلاً قياسياً من النفط خلال شهر أيار وصل الى 4.82 مليون برميل باليوم بضمنه ماتم ضخه من حقول نفط اقليم كردستان. يتم تصدير ما يقارب من 3.5 مليون برميل باليوم من ذلك النفط الخام عبر ميناء البصرة ومنه الى الخليج وبعد ذلك عبر مضيق هرمز التي تهدد إيران باغلاقه ردا على العقوبات الاقتصادية الاميركية .
مسؤولون فدراليون سلموا بان خياراتهم البديلة لصادراتهم النفطية الى ما وراء رصيف التحميل في البصرة محدودة ، وإن مصادر في شركة التسويق النفطي ، سومو ، ذكرت لمؤسسة بلاتس إنه لاتوجد لديهم حالياً خطط طوارئ لحماية الشحنات النفطية أو بدائل لتعويض الخسائر في حالة عدم قدرة البضاعة المرور عبر الخليج .
المنفذ الآخر المهم الوحيد لصادرات العراق النفطية هو خط جيهان لتصدير النفط المار عبر الأراضي التركية ولكن سعة الانبوب التصديرية تعتبر ضئيلة جداً بالمقارنة مع ميناء التحميل في البصرة .
قد تسعى سومو الى استخدام الطاقة الاستيعابية الاحتياطية في خط التصدير المار من كركوك الى ميناء جيهان في تركيا والبالغة بحدود 200 ألف برميل باليوم والذي تشرف عليه حكومة الاقليم . واستنادا الى وزارة النفط فان شركة سومو قد صدرت خلال شهر أيار مايقارب من 100 ألف برميل باليوم من النفط الخام عبر ذلك الخط ، ولكن لأجل تصدير المزيد عبر هذا الخط فان على الحكومة الفدرالية عقد اتفاق مع حكومة الاقليم للبحث عن شاحنات كافية لنقل البراميل الى انبوب التصدير شمال كركوك ، وهي مهمة ليست بسهلة .
استنادا لتقرير صادر عن ميناء جيهان للتصدير واطلعت عليه وكالة بلاست جاء فيه إن مجموع ماتم تصديره من نفط خام منتج من حقول الاقليم خلال شهر أيار عبر هذا الانبوب بلغ 464 ألف برميل باليوم .
سجاد جياد ، المدير الإداري لمركز بيان للبحوث في بغداد ، قال " البصرة هي مركز النشاط النفطي للعراق والمنفذ الذي يمر منه معظم الانتاج النفطي ."
قد تحاول شركة سومو أيضاً شحن نفطها الى تركيا والأردن ولكن هذه الكميات قد لا تتعدى 100 ألف برميل باليوم فقط ، وعلى الشركة أيضاً أن تأخذ بنظر الاعتبار توفير الحماية الامنية لقوافل الشاحنات من قطاع الطرق والهجمات .
مبيعات النفط تشكل ما نسبته 90% من موارد ميزانية العراق ، وإن الحفاظ على الأمن يشكل عاملاً جوهرياً لتعزيز الانتاج ليصل الى 6.5 مليون برميل باليوم بحلول العام 2020 في وقت يسعى فيه البلد لتطوير قطاعه النفطي بعد سنوات من الحرب .
الهجوم الصاروخي الذي حدث يوم الاربعاء ضرب موقعاً لشركة حفر عراقية قرب حقل الزبير النفطي بمحاذاة شركة اكسون موبل الاميركية مما دفع بالشركة الى اخلاء 21 فرد من منتسبيها . شركة شيل الهولندية و أيني الايطالية اللتان تعملان في نفس المنطقة قالتا انهما يراقبان الاوضاع ولكنهما مستمرتان بالعمل كالمعتاد .
المحلل الاقتصادي ، نيامي مكبورني ، من مؤسسة فيرسك مابلكروفت البريطانية للاستشارات الاقتصادية والسياسية ، يقول " اذا ما حصلت هناك هجمات صاروخية أخرى في البصرة وبشكل متعاقب فان ذلك قد يدفع بشركات النفط العالمية أن تعيد النظر بارسال موظفيها الاجانب للبصرة ، حيث إن خطورة الوضع البيئي العام سيشمل الشركات النفطية غير الأميركية أيضاً " .
القطاع النفطي العراقي كان قد تأثر اكثر خلال السنوات القليلة الماضية بعد انتهاء المعارك ضد تنظيم داعش وطرده من البلاد . ولكن لتحقيق مستوى انتاج عالي يتوجب على العراق أيضاً أن يوسع وبشكل كبير من السعة التصديرية لميناء البصرة فضلا عن صهاريج الخزن ومنشآته النفطية الآخرى التي تدهورت أوضاعها عبر سنوات من الحرب وانعدام الاستثمارات فيها وكذلك عليه تنويع مخارج صادراته النفطية .
إعادة بناء وتأهيل انبوب التصدير عراق - تركيا الحيوي الذي تضررا كثيراً جراء تكرر الهجمات التخريبية عليه أثناء الحرب مع داعش قد يضاعف من معدل صادرات النفط عبر ميناء جيهان .
الخط الآخر الذي تم التفاوض عليه كثيراً والذي يربط البصرة بميناء العقبة في الأردن على البحر الأحمر قد يخدم أيضاً كمنفذ تصدير كبير آخر في البلاد .
مع ذلك فان هذه المشاريع تعتبر مشارع ضخمة قد تتطلب استثماراً مالياً كبيراً و تستغرق بضعة سنوات طويلة لأن يتم اكمالها .
عن وكالة غلوبال بلاست للطاقة