تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
2-2
في زيارة الى موسكو للراقصة الأميركية (ازادورا دانكن) (1878 – 1927) والتي كانت ترقص حافية قالت إنها مناسبة لتكوين ردة فعل تجاه الأعراف السارية لفن الباليه. وقد أثار قولها ذاك مجموعة من الشباب الروس يقودهم (سيرج ديا غليف) (1872 – 1929) وهو رسام وموسيقي من الهواة وأصدر مجلة متخصصة هي (الفن) وهو الذي نقل الباليه الروسي الى أوروبا عبر باريس . وكانت فرقة الباليه تضم الراقصة المشهورة (انا بافلوفا) (1882 – 1931) والراقصة (تامارا كارزافينا) والراقص الأشهر (فاسلاف نيجنسكي) (1890 – 1950) وهو من اصل بولوني وكان (فوكين) هو مصمم الرقص. وكانت باليه بعنوان (كاليوباترا) من احدى فقرات البرنامج تلك الفقرات التي رفعت ذائقة الجمهور الى مستوى أعلى تجاه هذا الفن الرفيع.
في عام 1950 أضاف (فدكين) عملاً جديداً بعنوان (شهرزاد) وعملاً آخر هو (كرنفال) وأعمالاً أخرى جديدة ودخل الموسيقار (ايغور سترافنسكي) مؤلفاً جديداً لموسيقى الباليه.
كانت (ايدا روبنشتاين)، المرأة الجميلة ممثلة مشهورة وخاصة بالتمثيل الصامت (Mime) أكثر من كونها راقصة ولكنها مع ذلك لعبت دوراً مهماً في تاريخ فن الباليه عندما شكلت فرقة خاصة في باريس ، وتبنت عدداً من عروض الباليه المشهورة وقد أضافت الى تلك العروض لمسات من فن التمثيل الصامت .
كانت هناك فرقة بالية روسية مشهورة إضافة للفرقة الرئيسة (باليه روس) ادارها (رينيه بلوم) وكان (فوكين) هو مصمم رقصاتها وقامت هذه الفرقة بإحياء عدد من الباليهات التي أبدعها (دياغليف) وأضاف إليها باليهات جديدة والموسيقى من تأليف (موزات) ومنها (دون جوان) 1936.
ولا بد هنا من الإشارة الى دور (رودولف لابان) في تطوير فن الباليه حيث وضع نظريته عن علاقة جسد الإنسان بالفضاء وأساليب التعبير تلك التي تدرس اليوم في العديد من معاهد التمثيل في العالم ومنها (معهد الباليه) في دار منغتون هول في مدينة (دينون) لمؤسسة 0كيرت جووس) (1901 - ) بعد ان ترك المانيا اثر وصول الحزب النازي الى السلطة . وكان (جووس) احد تلامذة (لابان) الذي بدوره كان متأثراً بأداء الراقصة الاميركية (ازادورا دانكن) والتي تخلت هي وآخرون عن تقنيات الباليه الكلاسيكي.
في القرن العشرين احدث (موريس بيجار) (1957 - ) تطوراً مهماً في فن الباليه عندما أسس فرقته المسماة (فرقة باليه القرن العشرين) ورغبة منه في التنويع فقد ضمت فرقته راقصين من مختلف الجنسيات الذين تدربوا على وفق تقاليد مختلفة وسمي عمله (المسرح الشامل) حيث تمتزج فيه عناصر مأخوذة من الباليه التقليدي وفق الرقص الحديث ومن الصيغ الشرقية ومن النصوص المنظومة والموسيقى المأخوذة من مصادر متنوعة ومنها الكلاسيكية والهندية والجاز وبثيمات معاصرة ومؤثرات بصرية مراوغة . وفي عمله المعنون (إغراء القديس انطوني) استخدم الراقصين فيه لتجسيد إغرارات الجسد والروح التي ابتلي بها القديس وأظهر الممثل والمخرج الفرنسي الشهير (بارو) مهارة فائقة في التمثيل الصامت . وفي ذلك العمل كسر (بيجار) جميع الحواجز التقليدية لفنون الأداء.