علي حسين
كنت أنوي الكتابة عن خبر مثير حدث في بلاد السودان حيث صدر قرار بإضافة وزيرتين جديدتين إلى الحكومة ليصبح العدد ست نساء، وأود أن اذكركم بأن القاضيَّة نعمات عبد الله محمد خير، التي تولت منصب رئيس القضاء، أصبحت أول رئيسة للقضاء في العالم العربي.
لماذا الخبر مثير؟، لأنني أنتمي إلى بلاد يتعوذ فيها السياسي والمسؤول عندما يذكر اسم المرأة أمامه.
سأصدّع رؤوسكم مرة أخرى في موضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة، وأقصد نزيهة الدليمي، ويرفع من شأن النساء. في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع إلى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.
قبل اكثر من ستين عامًا قرر عبد الكريم قاسم أن يتخذ موقفًا متميزًا من المرأة، ما هي أولويات هذا الموقف؟ إنها المساواة. هكذا أثبتت لنا تجربة ثورة 14 تموز، حين أصرّ القائمون عليها، على إصدار قانون للأحوال الشخصية يمنع استغلال المرأة، ويرفع من شأنها.
سيقول البعض يا رجل تحتل المرأة في العراق منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن ياسادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش، ويتم إذلالها وحرقها وإهانتها، ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات دينية عدة لاتزال تعارض قرار قانون العنف الأسري، وهذه الأحزاب نفسها تتباكى في الفضائيات على حقوق المرأة، لكنها في البرلمان تجد أن قانونا يحمي المرأة من العنف يشكل خطرا على المجتمع مثلما أخبرنا ذات يوم رئيس كتلة الفضيلة النائب عمار طعمة، للاسف العشرات من نواب الأحزاب الدينية، بفرعيها السُّني والشيعي، مخلصون لتربية حزبية جعلت منهم تروساً في ماكنة قهر المرأة باسم الفضيلة والدين، فهؤلاء جميعاً يرون في المرأة “ضلعاً أعوج” يجب تقويمه، وهي ناقصة عقل ودين.
وكنت قد قرأت في سيرة الشيخ محمد رضا الشبيبي، وهو العالم الجليل، أنه قدّم في العهد الملكي مشروعاً لقانون يُجرِّم اضطهاد المرأة وتعنيفها. وأتمنى أن يثبت لي السادة النواب المعترضون على قانون العنف الاسري والذي يعتبره البعض مساسا بالاخلاق والاسرة أنّ الشيخ الشبيبي لم يكن رجلاً عالماً في الدين والفقه والسياسة والسماحة .
ويعذرني القراء الاعزاء ان اقول أنني ما زلت أشعر كعراقي بالإهانة، حين أقارن بين نزيهة الدليمي ونادبات هذا الزمان.