علي حسين
تحول السيد جمال الكربولي، إلى مصلح اجتماعي، يسعى لمنافسة المرحوم المهاتما غاندي في تأليف كتاب عن اللاعنف، الأمر ليس محاولة لاستغفال القرّاء، لكن، حقيقة وجدناها اليوم على موقع تويتر حين كتب الكربولي، تغريدة يسخر فيها من يوم 14 تموز قائلًا بكل أريحية:
"لم تكن ثورة أبدًا بل كانت مؤامرة وانقلابًا عسكريًا، ساهم بها حزب أسس للدكتاتورية والفشل في العراق"، إلى الآن وأنا لا اعتراض عندي على أن يعبر الكربولي عن آرائه، إلا أن فائدة تقديم الحكم والنصائح عن العدل والمساواة على تويتر تتطلب أن يسأل الكربولي نفسه، لماذا لا يعيد أموال الهلال الأحمر التي لفلفها وهربها ؟ ومن أين جاءته كل هذه الأموال ولم يعرف عنه قبل 2003 أنه ينتمي إلى نادي المليارديرات؟ .
في كل عام يدور جدل يتساءل فيه الجميع: من يقف وراء الخراب الذي حل بنا؟، ومن صنعه؟، ويضحك ذوو الإجابة "الجاهزة" ويقولون، وهم يقلبون بأوراق "الروزنامة"، فيقع بصرهم على 14 تموز، إذن عبد الكريم قاسم هو الذي جاء بكل هذا الخراب، ومثل هؤلاء هم الذين صفقوا لشعارات حكومة المحاصصة، واعتقدوا أنها ستنقذنا من الفقر والقتل والجهل، هؤلاء يرون في شخصية عبد الكريم دراكولا العصر الحديث.
سيقول البعض وهو محق ، هل تريد لنا أن نصفق لرجل فتح باب الانقلابات العسكرية ؟. المشهد مقزز حتمًا، تعليق جثة الوصي عبد الإله وسحل نوري سعيد عاريًا، ولكن هل كان هذا المشهد هو الوحيد في تاريخ هذه الدولة؟ لم يقتل مؤسس الجندية العراقية جعفر العسكري؟، ألم تعلق جثث الذين اختلفوا مع العهد الملكي في الساحات؟ ألم ترفع الجماهير السيوف والقامات في وجه يهود العراق؟، وأصرت على أن تستبيح أملاكهم؟ .
أراد عبد الكريم قاسم أن يؤسس لدولة حديثة بقوانينها، فافتى الشيوخ بقتله، حاول أن يقول لنا إن الخلاص في نظام سياسي ينحاز للفقراء ، فتركناه يموت وحيدًا في وزارة الدفاع، هل نحن شعب يسخر من المسؤول الذي لا يسمح لنفسه بأكثر من وجبة غذاء بسيطة؟ لا أبناء، لا زوجة، لا مقربين يحتكرون المناصب، مشتمل بسيط في البتاويين، ومجموعة من الاخيار : محمد حديد وناجي طالب وإبراهيم كبة ونزيهة الدليمي ومصطفى علي وهديب الحاج حمود وعبد اللطيف الشواف .
لا أُريد أن أقلب على حضراتكم المواجع في هذه الزاوية الصغيرة ، لكننا أيها السادة لا نزال نشغل الفيسبوك بشعارات الطائفية والكره بين أبناء الشعب الواحد، لست هنا في مجال مراجعة التاريخ، إنها سطور أريد أن أقول فيها: إن على كل عراقي أن يستدعي ضميره قبل أن يشتم عبد الكريم، أو يلعن نوري السعيد، أو يتشفى من مريض يطلب منه الدعاء .