علي حسين
الحمد لله اكتشفنا ولو متأخرًا أن جميع أحزاب السلطة لم تشارك في السلطة وأنها سعت وبجدارة إلى فسح المجال للكفاءات، وقرأنا خلال الأسابيع الماضية معلقات شعرية عن حكومة المؤسسات، وأناشيد ترفض المحاصصة، واكتشفنا أن مشكلة البلاد هم المواطنون، الذين لا يريدون لهذه البلاد أن تغادر ديمقراطية عواطف النعمة ، وان هذه الجماهير " الناكرة للجميل " لا تستطيع العيش من دون أن تشاهد طلة محمد الكربولي كل صباح.
منذ 17 عامًا والمسؤولون والسياسيون يرددون نفس الخطاب: " فلتسقط المحاصصة"، لكن، منذ 17 عامًا لم يجرؤ سياسي عراقي على أن يرفض هذه المحاصصة ، بأن يقول لزملائه تعالوا ننتخب رئيسًا للبرلمان من المسيحيين، أو دعونا من خرافة "ما ننطيها" ولنختار وزراء من خارج الكتل السياسية ، لم يبق أحد إلا وخاض حربه من أجل المنافع، وباسم الدفاع عن المكوّن انقسموا إلى جبهات وأحزاب تتقاتل وتتنافس فيما بينها، خلال سبعة عشر عامًا أضاعت علينا أحزاب السلطة أهم ثروات هذه البلاد، المال والقانون، وأغرقونا بشعارات وخطب عن الديمقراطية والحرية . وبدلًا من "مزاد بيع المناصب" الذي نصبه "أبو مازن" وسط قبة البرلمان، كان المطلوب سهلًا جدًا، أن نضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، وبدلًا من أن يضحك علينا حسين الشهرستاني وينضم إلى قائمة أغنياء الكرة الأرضية، كان هناك مهندس عراقي اسمه فاروق القاسم يعيش في النرويج ساهم في اكتشاف النفط في أحد أكبر حقول النفط في بحر الشمال، هذا المهندس توهم بعد 2003 أنه يمكن أن يقدم شيئًا لبلاده العراق، ويخبرنا أنه فاوض حكومة بغداد بشأن خطة متكاملة لتطوير صناعة الطاقة، المسؤولون، قالوا له "ننصحك بأن تعود إلى النرويج"، الجهات السياسية التي وقفت ضد مشروع فاروق القاسم قررت في لحظة تاريخية مهمة أن عبقرية حسين الشهرستاني أبقى وأنفع للعراقيين، وأن استيراد الغاز للصلات التاريخية بين الشعوب، وأن الحصول على الكهرباء من دول الجوار فرض وواجب.
ليها السادة جميل جدًا أن يدرك السادة في دولة القانون أن رعاياهم من العراقيين لم يحصدوا خلال ثمانية أعوام من حكومة دولة القانون، سوى التهجير والإفلاس، وجميل أيضًا أن نجد نواب يغضبون ويثورون مثل باقي العراقيين، لكنّ غير الجميل، ويجب أن يقال بصراحة، أن معظم السياسيين تتحدد خطاباتهم على ضوء المحاصصة والتوازن السياسي .
وانا اكتب هذه السطور ، اود ان اذكر القارئ العزيز بالايام التي هبّت فيها رياح الإصلاح على برلماننا "العتيد"، وما تبعها من خطابات وأهازيج انتهت إلى اتفاقات ، توهم خلالها المواطن البسيط بأن الأمور قد حسمت لصالحه، وان المحاصصة تحولت الى أشياء من الماضى .