رعد العراقي
لم تنتهِ الرياضة العراقية من أزمة حتى تسقط سريعاً بأزمات متوالية تكون أشدّ وطأة وأكثر خسارة لتاريخها وانجازاتها مع سيل من الخلافات وتأزّم في العلاقات بين أبناء البيت الرياضي ليتحوّل المشهد الى بؤرة للصراعات ينأى كل من يشعر بأنه لا يملك نفوذ القوة والتأثير سوى خبرته وفكره المتوارث عبر سنوات عاصر بها كل جزئيات الرياضة،
تاركاً الساحة لأصحاب الهيمنة والسلطة سواء ممّن تعكّز على دعم جهات معينة أو ممّن هو خارج الوسط الرياضي واستغل حالة الفراغ لينفذ ويتصدّر العناوين وينافس تحت شعار (إنقاذ الرياضة)!
كلماتي ربما تكون مُحبِطة، وبذات الوقت تمثّل مفاجأة محيّرة لمن ينتظر انتخابات المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية ويتصوّر أن الحل السحري سيكون بولادة المكتب الجديد وفق نظام داخلي تم صياغته وإعداده وإقراره من قبل الجمعية العامة ليكون دستوراً ينهي كل المشاكل ويخلق نظاماً إدارياً قادراً على إحداث نقلة نوعية في قيادة الرياضة العراقية والنهوض بها.
ولأجل أن نوضّح سبب لغة التشاؤم التي نتحدّث بها لا بدّ من الإشارة الى أن من أسّس النجاح لأي منظومة هو امتلاكها شخوصاً تفقه العمل الإداري وتعرف كل خباياه بفكر متجدّد ومرونة عالية في تطويع الوسائل المتاحة نحو خدمة أدواتها ورسم طريق نجاحها بثقة تستند الى خزينها المعرفي ونظرتها المستقبلية، ويسهم وجود نظام داخلي رصين في تعضيد عملها وحمايتها من أية معرقلات قد تصادفها.
السؤال هنا : هل تفحّص المتفائلون قوائم من تسابق الى الترشيح للمكتب التنفيذي؟ وهل وُجِدَت ضمن تلك القوائم أسماء جديدة أو طاقات شبابية تمتلك خلفية علمية في المجال الإداري يمكن أن تشكّل مشاريع مستقبلية لسنوات قادمة لقيادة مفاصل اللجنة الأولمبية؟ الجواب ببساطة كلا، بل أن ذات الشخوص إما مارست العمل قبل 2003 واستمرّت أو ولجت الوسط بعده ولا تمتلك المؤهّلات العلمية الإدارية بشهادة معترف بها على مستوى القيادة والتخطيط، وخلال أكثر من سبعة عشرعاماً لم نلمس أية بارقة إبداع أو تميّز منهم، ويكاد يكون فشلهم الإداري هو أحد الأسباب الرئيسة في انحدار وتراجع الرياضة العراقية!
كيف نأمَل التغيير ولدينا من يكشف بين ليلة وضحاها عن محدودية أدائه ويصبح منقذ وخبير إداري؟ ليس انتقاصاً أو مثلبة بحق من يعنيهم الأمر بقدر ماهي حقيقة راسخة تفرضها حتمية وجود تزاوج بين التاريخ الرياضي والخبرة الإدارية المُحدّثة بالدورات التطويرية المعترف بها والشهادة العلمية بالتخصّص وهي مؤهّلات رئيسة للنجاح لم نجدها تنطبق على بعض المرشحين.
أما من يعتمد على وجود نظام داخلي جديد فعليه أن يراجع بعض بنوده المهمة ويسأل أعضاء الجمعية العمومية عن كيفية المصادقة عليها (إن كان هناك فعلاً من دقّق وتمعّن في قراءته) وهو يخالف في أهم فقرة من قوانين اللجنة الأولمبية الدولية التي تخصّ تحديد نهاية السن المسموح به للخدمة بـ (70) سنة بينما مُرّر النظام بتحديد (75) سنة دون أن يواجه أي اعتراض من أحد أعضاء العمومية، وهو ما يؤكد وجود مخالفة صريحة ومحاباة وتمهيد لضمان ترشيح أحدهم واستمراره بالمنصب في حالة إعادة انتخابه! كيف نتفاءل بنظام داخلي ليكون رصيناً وهو يضع العراقيل أمام ضمان وصول القيادات الشابة؟
ليس من المنطقي أن يستمر تجاهل تلك المعضلة ونفشل في خلق قيادات إدارية متخصّصة في القطاع الرياضي، في وقت لا تتحرّك وزارة الشباب والرياضة بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية في استحداث مركز إداري رياضي يتولّى استقطاب الكفاءات بأعمار لا تتجاوز 50 عاماً وإخضاعها لمنهاج متطوّر في العمل الإداري وتُمنح الشهادات كي تسهم في تعضيد خطط الأندية والاتحادات، ويكون الحصول عليها شرطاً مُلزماً لقبول الترشيح لكل المناصب الرياضية، وهو إجراء في غاية الأهمية لا يمثّل تدخّلاً، بل هو حق مشروع للحكومة في إصلاح هيكل الرياضة العراقية كجزء من الإصلاح العام.