ترجمة: المدى
وسط جهود إعادة إعمار الموصل ، تقوم عنان يونس باعادة إعمار بيتها باستخدام أحجار اسمنتية صفراء ، وهو لون يبعث لراحة نفسية في مدينة عانت من بطش حكم إرهابي سيطر عليها على مدى ثلاث سنوات .
خلال السنوات الثلاث تلك ، ومنذ تمكن القوات المسلحة العراقية تحرير الموصل من قبضة مسلحي داعش بمساعدة من التحالف الدولي ، تمكنت يونس ، 40 عاماً والأم لطفلين ، من ادخار مبلغ من المال المكتسب من نقل زوجها للمحاصيل الزراعية في المدينة . لم يملكون سوى مبلغ صغير يكفي لإعادة بناء جدران بيتهم المدمر ، أما المبلغ لترميم أرضية المنزل فهو هدية من والدها العجوز ، وبناء السقف اعتمد على مبلغ مقترض ما يزال دين برقبتهم .
وقالت يونس " أنا فقط أريد بيتاً نسكن فيه ."
بدأت الحياة هذه الأيام تعود ببطء الى الموصل ، وتشاهد التجار منشغلين بمتاجرهم ومحلاتهم ، من جانب آخر ومن الناحية الثقافية بدأت فرق موسيقية محلية بالعزف لألحان تراثية وغنائية . أثناء الليل اضوية المدينة تنير بومضاتها بينما المطاعم تمتلئ بالعوائل وتزين شوارع الموصل .
وكانت الأمم المتحدة قد ذكرت في تقديراتها بأن أكثر من 8,000 منزل قد دمر في الموصل أثناء حملة التحرير وجراء ضربات التحالف الجوية ضد مسلحي داعش .
المدينة القديمة الواقعة على الضفة الغربية من نهر دجلة ، والتي كانت تعرف بجوهرة الموصل ، ما تزال تجثو تحت الانقاض بينما بدأت أجزاء حديثة من المدينة تشهد مرحلة تعافي حذرة . يقول محليون بأن أغلب عمليات الترميم والعودة للحياة تجري بالاعتماد على أنفسهم .
أحمد سرحان ، الذي يعمل في تجارة القهوة ، يقول " لم أر دولاراً واحداً من الحكومة . بعد تحرير المدينة كانت الأوضاع على نحو فوضوي بشكل كامل . لم يكن أحد يمتلك مالاً . وكان معدل الاقتصاد في المدينة صفر ." ويقول إن تجارته بعد التحرير كانت تدر عليه بحدود 50,000 دينار عراقي باليوم ، أو ما يقارب 40 دولاراً ، أما الآن وبعد الانتعاش فان دخله قد وصل الى ما يقارب 2,500 دولار.
وبينما بدأ سرحان مع بقية التجار الآخرين برؤية المنافع المالية التي بدأوا يكسبوها ، رغم التأثير السلبي لتفشي وباء كورونا على الحياة الاقتصادية ، فان الطبقة العاملة الاعتيادية تصارع من أجل توفير لقمة العيش . سرحان يمتلك 28 عاملاً في متجره ، كل واحد منهم يتقاضى مبلغ 8 دولارات باليوم .
ويقول سرحان عنهم " هذا لا يشكل شيئاً ، إنهم لن يقدروا على إعادة إعمار بيوتهم ."
منذ الانتصار على داعش وطردهم من البلد عام 2017 ، فإن مهمة إعادة إعمار الموصل تجري بشكل بطيء على نحو مؤلم . الحكومات المحلية للموصل وسوء إدارتها كانت إحدى أسباب تعرقل أعمال الإعمار ، ومنذ تحرير نينوى وعاصمتها الموصل ، تم تغيير محافظها ثلاث مرّات .
الحكومة المركزية حققت بعض التقدم في مشاريع إعادة إعمار كبرى للبنية التحتية وتمكنت من إعادة خدمات أساسية للمدينة ، ولكن ماتزال أجزاء كبيرة من تلك المشاريع لم تكتمل بعد .
التمويلات التي خصصت من قبل البنك الدولي لاغراض مشاريع إعادة الإعمار قد تم تحويلها لمساعدة الحكومة الفدرالية في مواجهة وباء كورونا ، في وقت تعاني خزينة الدولة من تراجع في السيولة النقدية الناجمة عن انهيار أسعار النفط .
في هذه الأثناء تقدم 16,000 شخص على الاقل من أهالي بمناشدة للحصول على مساعدة مالية من الحكومة لغرض إعادة إعمار بيوتهم . واستنادا لمدير بلدية الموصل ، زهير الأعرجي ، فان 2,000 شخص منهم فقط من تلقى معونة مالية .
وقال الاعرجي " ليس هناك أموال كافية ، عليهم إعادة إعمار بيوتهم بأنفسهم ."
أما سكان الموصل المحليين فانهم ينظرون الى سياسات الحكومة بشكوك ، ويرون المسؤولين المحليين على أنهم بعيدين جداً عن مساعدتهم بسبب فسادهم .
ويقول ، عمار موفق ، الذي انفق كل مدخراته العام الماضي لاعادة فتح متجره لبيع الصابون " اي مبالغ يتم توفيرها للمحافظة يقومون بسرقتها . انا قمت باعادة ترميم محلي على نفقتي الخاصة ."
متحف الموصل ، الذي نشر تنظيم داعش فلما لأنفسهم وهم يقومون بتحطيم محتوياته من آثار وقطع أثرية ، قد تم إعادة افتتاحه جزئياً في كانون الثاني . وفي الشهر الماضي تم إعادة افتتاح قاعة عرض في المتحف ضمت أعمالاً نحتية للفن المعاصر .
عن اسوشييتدبرس