TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: جوكر عميل وجوكر وطني

العمود الثامن: جوكر عميل وجوكر وطني

نشر في: 13 ديسمبر, 2020: 10:25 م

 علي حسين

كنت أنوي الكتابة عن معرض العراق الدولي للكتاب، فأنا أنتمي إلى قوم لا يمكنهم تخيل عالم لم تظهر فيه الكتب، لكنني بالأمس وأنا أتصفح مواقع الصحف ووكالات الأنباء شعرت بأنّ كاتباً مثل حالي لا يمكن له أن يترك حديثاً مهماً للسيد حميد الحسيني رئيس اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، ويذهب ليحدّث القرّاء عن أفلاطون، وشكسبير والمرحوم تولستوي، ولهذا وجدت نفسي أسأل:

هل يدري السيد الحسيني وهو يتفاخر بأنه وراء إطلاق لقب جوكر على المتظاهرين، أن أكثر من 700 متظاهر قتلوا برصاص الدولة تحت شعار "هؤلاء جوكرية"؟، وهل تظاهرات تشرين التي يصفها السيد الحسيني بأنها ممولة من إسرائيل وأمريكا تختلف عن تظاهرات السليمانية التي يصفها بأنها "ثورة الأبطال"؟، وهل متظاهر بغداد والناصرية خائن وعميل ومتظاهر السليمانية نموذج للوطنية؟.. ربما تزعج هذه الأسئلة البعض ولهذا سأتركها وأحدثكم عن كتاب أهداه إلي قبل سنوات الأستاذ طارق عبد الحميد الكنين بعنوان "العراقيون على طاولة التشريح"، والكتاب أشبه بموسوعة تغوص في أحوال العراقيين وما جرى لهم، وقد ذكرني الكتاب بالموسوعة التي وضعها العلامة الراحل علي الوردي "لمحات اجتماعية في تاريخ العراق" فالمؤلف يربط بين الحكاية الاجتماعية وبين ظواهر سياسية يعج بها المجتمع العراقي ، وهو يعترف بفضل الوردي في تحديد منهجه لقراءة الحوادث التاريخية أو المعاصرة فيأخذنا معه في سياحة طريفة يلتقط فيها الحوادث من هنا وهناك، ليقدم من خلالها عرضاً ممتعاً لكنه يحمل الكثير من الأسى مستعيناً بآراء ومقتطفات لمجموعة من الكتاب الذين رصدوا تحولات المجتمع العراقي. ولأنني مشغول بمتابعة الشأن العراقي العام وماطرأ عليه من تحولات خطيرة فقد استهوتني لعبة الأستاذ الكنين وهو يربط الماضي بالحاضر مقدماً لنا وثائق من التاريخ تسلط الضوء على صفحات، مشرقة أحياناً ومؤلمة أحياناً أخرى، من تاريخ الشعب العراقي. من بين الفصول التي تمنيت أن يقرأها كل مهتم بالشأن العراقي الفصل المعنون "الفساد في العراق الحديث" حيث ينشر لنا المؤلف عدداً من الوثائق والحكايات لعل أطرفها وأبلغها ما جاء في مذكرات المرحوم توفيق السويدي من أن الملك فيصل الأول طلب مبلغاً من المال بقصد المعالجة خارج العراق، لكن الوزارة رفضت ذلك قائلة "إن الملك يتقاضى مخصصات ملكية كافية لجميع أموره الشخصية مما يبرر صرف المبالغ اللازمة للمعالجة الطبية من جيبه الخاص". ومن دفاتر عبد الرزاق الحسني يستشهد بهذا الخبر: إن توفيق السويدي نائب رئيس الوزراء أراد تعيين شقيقه عارف السويدي رئيساً لمحكمة التمييز، فلم يوافق مجلس الوزراء على طلبه بسبب خشية المجلس من الغاية التي قد يجتمع الشقيقان من أجلها. 

كان حريًا بالسيد الحسيني ، وهو يدافع عن تظاهرات السليمانية أن يتذكر ان الدماء التي سالت في الحبوبي والتحرير والسليمانية دماء واحدة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. KhalidMuften

    عندما يتعانق دم الشهداء في الناصرية والسليمانية يحزن القتلة وسراق المال العام .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram