علي حسين
أعذروا جهلي فأنا منذ أن صدّعت رؤوسكم بهذه الزاوية، لديّ مشكلة مع ما يقوله "مقاولو السياسة" والمسؤولون عن الخراب والفساد، وتراني أضحك كلما أسمع "مقاولاً" من هؤلاء يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار.
فما بالك أن اكتشف قبل ساعات أن النائب أحمد الجبوري، يحمل شهادة الدكتوراه، وهو "صديق الفقراء" . كنا نعتقد أن المهازل السياسية لها موسم وتنتهي، لكننا وجدنا مصابي وباء المهازل يتكاثرون وكأنهم يثبتون بالدليل القاطع أن هذه المدرسة لن تغلق أبوابها، وأن كتاب الأعمدة الساخرة سيجدون دائماً موضوعاً ساخناً، ولأنّ الله رحيم بعباده من العراقيين، فقد تلقيت بسرور بالغ الرسالة "الثورية" التي وجهها النائب أحمد الجبوري الملقب بـ"أبو مازن" إلى جماهير الشعب يحذر فيها من المساس بشعبيته ، وأنه سيكشف "سياسيي الوقت الضائع"، طبعاً الرجل يعتبر نفسه سياسي هذا الوقت وكل وقت، منذ أن أعلن مزاد بيع المناصب وسط قاعة البرلمان، ويمضي أبو مازن ليعلن أن مشروعه "الثوري" أفقد الجميع صوابهم.. وينتهي بأن يحذرنا من أن كرسيه في البرلمان لن يكون في خطر ولن تستطيع الإمبريالية أن تقف في وجه "الكفاءات" العراقية، وكان بالإمكان أن تنتهي الحكاية عند تغريدة أحمد الجبوري، لكنّ المفاجأة الكوميدية هي قرار القضاء الذي منع فيه "أبو مازن" من خوض الانتخابات المقبلة لأنه متهم بقضايا فساد، لكنه في الوقت نفسه سمح له أن يواصل الجلوس على كرسي البرلمان ويمارس النهب ..ولان المهزل متواصلة لا يمكن عدها فقد تقدم السيد "أبو مازن" بطلب إلى القضاء لإلغاء قرار منع المتهمين بقضايا فساد من الترشيح للانتخابات، لأن مثل هؤلاء ثروة وطنية لا يمكن التفريط بها.
يسخرابو مازن من العملية السياسية التي لا تريد أن تعطي رجلاً بحجمه حقه، فمنصب وزير ومحافظ، وعرّاب صفقة رئيس البرلمان ونائب أو نائم دائم على قلوب العراقيين، لا تكفي مسيرة أحمد الجبوري الذي طالبنا بأن نسميه "الزعيم".
نشاهد على الفضائيات مقاطع ساذجة لسياسيين تتميز بسوء التعبير والخلوّ من أي جملة نافعة، لكنها في المقابل تجلب المنفعة لكاتب "مشاغب" مثلي يعيش مع هذا النوع من الساسة الظرفاء .
يكتب المرحوم أفلاطون أن أكثر الرغبات وقاحةً هي رغبة السلطة، ، المشكلة ياصاحب الجمهورية ليست في الرغبات ، وإنما في ضياع القيم الأخلاقية والوطنية عند "مقاولي السياسة" .
أحمد الجبوري "أبو مازن" من أولئك الذين كرّسوا حياتهم لخدمة الفساد ورعايته، وافتراس كل من يقترب من مناصب النواب ، ولم يكن يتصور أن هذا البرلمان نفسه سيردد "الحمد لله تخلصنا من أبو مازن وساعته الرولكس".