 ترجمة: المدى

تشير منظمات دولية الى أن اغلاق مخيمات للنازحين المحليين تتم بدون أي تخطيط مسبق ولا استعدادات لتوفير أماكن سكن بديلة آمنة مما خلق شعوراً بالخوف وعدم الاطمئنان بين العوائل النازحة .

آلاف من النازحين ، أغلبهم من النساء والاطفال ، تركوا مهملين . منظمة الهجرة الدولية IOM التابعة للأمم المتحدة تقول إن نصف النازحين كانوا غير قادرين للعودة الى مناطق سكناهم الأصلية ويعيشون على نحو خطر عند أطراف المدن في بنايات متضررة غير آمنة وبدون مستلزمات أساسية . وتشير المنظمة الى أن هذا الوضع الخطر يؤثر بشكل خاص على قدرة الأطفال لحضور المدارس .

وتستمر منظمات دولية ، مثل منظمة اليونيسيف للطفولة ، باصدار تقارير عن تأثيرات عدم قدرة الأطفال على حضور المدارس ، ومدى تأثير ذلك في المستقبل على المجتمع بشكل عام . جميع التقارير تحذر من تأخيرات في القدرة على التعلم بالإضافة الى المعاناة النفسية والبدنية كشعور بالعزلة والهلع وفقدان وسائل التواصل .

تدهور الوضع التعليمي يتعدى حدود الأطفال النازحين . العراق الآن يترنح ما بين فوضى ووضع كارثي ودولة فاشلة ونظام تربوي فاشل ، بعد أن كان أفضل نظام تعليمي في المنطقة .

عقود من حروب وعقوبات اقتصادية واحتلال عسكري تسببت بضرر غير محدود للبنى التحتية للعراق ودمار لأحد الأقطاب الرئيسة من التعليم . الافتقار لأي استثمار حكومي في مجال التعليم واستمرار عدم الاستقرار السياسي والعنف والنزوح الواسع لعوائل قد تسبب بدمار توفير الخدمات التربوية .

في الوقت الحاضر هناك 3,2 مليون طفل عراقي بعمر المدرسة لا يحضرون مدرسة يعيشون في مناطق متضررة من الحرب . أكثر من 90% من الأطفال بعمر المدرسة تركوا بدون حضور مدارس . هؤلاء الأطفال هم أكثر عرضة للاستغلال وسوء المعاملة ، بضمنها الزواج المبكر وخصوصاً بالنسبة للفتيات ، وكذلك عمالة الأطفال .

واحدة من بين كل مدرستين هي مدرسة متضررة . وكثير من المدارس تعمل بعدة شفتات مع وجود تناقص بعدد المدرسين الكفوئين عند كل المراحل الدراسية . خزينة العراق الوطنية شهدت خلال السنوات الاخيرة تناقص مستمر مع تخصيص نسبة 6% فقط منها لقطاع التعليم مما وضع ذلك العراق في ذيل قائمة تصنيف بلدان الشرق الأوسط .

منذ انتهاء العمليات العسكرية ضد داعش في عام 2017 ما تزال أجزاء من القسم الغربي للموصل تمثل منطقة حرب مع أحياء كاملة فيهاجثث جاثمة تحت الأنقاض . بالنسبة لأطفال عوائل نازحة تتعافى من صدمات متعلقة بالحرب ، يعد استئناف المدارس عنصراً جوهرياً لإعادة إدخال شعور بالطمأنينة والسلام . مع ذلك فإن قلة المدرسين ، حيث إن كثير منهم مهجرون ، وعدم توفر مباني مدرسية كافية قد أعاق عملية الوصول للتعليم بشكل كبير . وكذلك فان تواجد أكثر من 60 طالباً في صف دراسي واحد يحرم اطفال من مناطق نائية ومخيمات من عدم الحصول على التعليم .

تقرير جديد للمجلس النرويجي للاجئين يوفر تحليل شامل للنظام التربوي في العراق . ويسلط الضوء أيضاً على حرمان كثير من الأطفال لحقوق التعليم .

عبر الثماني عشرة سنة الماضية غادر الآلاف من شريحة الأساتذة المثقفين بضمنهم مدرسين العراق وذلك عقب حوادث اغتيالات طالت زملائهم ، مما ترك ذلك الأثر السلبي الكبير على وضع مستوى التعليم .

أكاديميين عراقيين و طلبة ومتخصصين هم بحاجة ماسة لمستلزمات ووسائل تعليم وتدريس حديثة في الجامعات . كثير من الأكاديميين قلقون ايضا ازاء تدخل السياسة في هذا القطاع مما يعيق من جانب التطور . خدمات تربوية اخرى مثل دائرة التعليم العالي تكون مدارة من قبل الحكومة وتكون عرضة للمحاصصة والفساد .

غلق المدارس في شباط الماضي بسبب وباء كورونا أثر على اكثر من 10 مليون طفل بعمر ستة سنوات الى 17 من كل انحاء البلاد . مما أدى ذلك الى تدني الجانب التربوي اكثر بالنسبة لملايين من الأطفال الذين هم أصلاً قد حُرموا من المدارس على مدى سنوات .

ولغرض التسكين من الأزمة التربوية التي تواجه أطفال العراق اليوم ، فان تقرير المجلس النرويجي أوصى باجراءات عاجلة على الحكومة العراقية اتخاذها ، مثل زيادة عدد المدرسين المتدربين في مدارس رسمية ، مع توفير مزيد من المستلزمات المدرسية في المستويين الابتدائي والثانوي مع السماح للأطفال الذين لايملكون وثائق بالحضور للمدارس . وأشار التقرير الى أن الطلبة النازحين والمهجرين الذين حرموا من المدرسة لسنوات هم بحاجة لدعم وبرامج تسريع بالتعليم لمساعدتهم في إعادة دمجهم بالنظام التربوي .

تقرير المجلس النرويجي يؤكد على أهمية دعم تعليم الاطفال كاستثمار لمستقبل العراق . وجاء فيه بان عدم توفر ذلك سيؤدي الى زيادة حرمان جيل جديد من أطفال العراق وسيتم تقويض آمال باستقرار مجتمع عراقي مستقبلاً .

عن مدل ايست مونيتر