علي حسين
لم يكن هناك ما يضطر السيد نوري المالكي لاستعادة حكاية الموصل، وهو يكتب لنا مقالاً عن أهمية السيادة.. لم يكن ثمّة سؤال يستلزم الاستعانة بتلك الذكرى الحزينة، ذلك أنه يتكلم في الوقت الذي تم فيه حفظ ملف الموصل وسجل ضد مجهول، مثلما حفظت الكثير من الملفات وكان "المجهول" شعارها، فما الداعي لاعادة جملة مل العراقيون من سماعها فحواها:
"إن المؤامرة الماسونية الصهيونية هي التي تقف وراء سقوط الموصل"؟ . ربما أنا لا أملك الرد على السيد المالكي ولكن ليسمح لي أن أعيد عليه ما قاله الفريق الركن مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى الذي صرح لوكالة رويترز في الخامس عشر من تشرين الأول عام 2015، عن الأسباب التي كانت وراء سقوط الموصل، وهي حسب قول الغراوي: إن القوات الأمنية كانت تنقصها الأسلحة والذخائر، لم تبق في الموصل أية دبابات، كما أن المدينة كانت تعاني نقصاً في المدفعية، كذلك كانت هناك أيضا مشكلة الجنود الوهميين، وهم الرجال المسجلون في الدفاتر الذين يدفعون للضباط نصف رواتبهم من أجل أن لا يحضروا لثكناتهم ولا يؤدوا ما عليهم من واجبات!، ثم أضاف الغراوي نفسه بعد أربعة أيام وفي برنامج: "إن واحداً من ثلاثة أشخاص ربما يكون قد أصدر الأمر النهائي بالانسحاب من الموصل هم:عبود قنبر وعلي غيدان ونوري المالكي نفسه الذي كان يوجّه كبار الضباط من بغداد".
الراجح، من واقع مقال السيد المالكي، أنه لا يمل من تذكيرنا بأنه الرجل الذي حافظ على سيادة العراق، وأننا بعد أن خذلناه في الحصول على ولاية ثالثة وتآمرنا على منجزاته ، أصابتنا كارثة الإفلاس وصواريخ الكاتيوشا، دون أن يجيب السيد المالكي ترى من ذهب بنا إلى هذا المصير الكارثي؟.
لا نزال نتحدث عن المؤامرة الإمبريالية، ونكاد ننشغل كل يوم بمغامرات التحليل السياسي، دون أن نقول: من أوصلنا إلى مشهد "لله يامحسنين"، ومن قبله مشاهد ملايين النازحين والمشردين.. لماذا ننسى أن سنوات الخراب التي يمر بها العراق كانت قراراً عراقياً خالصاً قام به ساسة يعتقدون أن العراقيين يجب أن يعاقبوا لأنهم شعب يحتاج إلى " الفضيلة " و " الايمان " ولجان الامر بالمعروف .
وأزعم أنه ليس ثمّة انكشاف فاضح أكثر مما نحن فيه الآن على صعيد السياسة والأمن والاقتصاد، أو الهم الأكبر، للعراقيين، وأعني به موضوع الإفلاس المالي، الذي تم بمشاركة جميع القوى السياسية، في الوقت الذي يتمتع فيه حيتان الفساد بالحماية والسلطة.
لا يذكر السيد المالكي في خطاباته العديدة، حجم المليارات التي دخلت إلى خزينة العراق خلال الثماني سنوات من حكمه، لأنه بالتأكيد لا يريد لهذا الشعب أن يسأل أين ذهبت هذه الأموال، بل هو طوال الوقت يذكرنا بأن الولاية الثالثة أثارت الحاسدين والحاقدين .