عمــار ســاطع
مع نهاية مشوار نصف الدوري الكروي الممتاز بختام مرحلة الذهاب للمسابقة المحلية الأبرز، يدأب الجميع على تقييم الوضع بمجمله، لما يحمله المشوار من إيجابيات وسلبيات على حد سواء!
التقييم الحقيقي، يفترض أن يتجرّد من الانتماءات أو الميول ويبتعد كل البعد عن الارتباطات والعلاقات، ويقترب جداً من التجرّد والنقد البَنّاء ويحكي قصة انطلاقة مرحلة في موسم ويستقرئ الأحوال من كل الجوانب والأوجه، بغض النظر عن أية تفاصيل مُصطنعة قد تنتج عنها حالات لن تؤثر على الكثير من الزوايا التي نعرفها ويعرفها الكثير من المتابعين!
ككل موسم من مواسم مسابقة دوري الكرة الممتاز في العقدين الثمانيني والتسعيني من القرن الماضي، حيث النظام المركزي والتعامل وفقاً للأجندة المعتمّدة للمواعيد واحترام روزنامة الجولات، فإن الموسم الحالي، وبرغم الاستثنائية التي عاشتها مرحلة الذهاب، بسبب تأخّر انطلاقتها وانتشار جائحة كورونا فايروس وافتقار الفرق المشاركة للأموال الكافية وغياب الداعم الأهم للدوري وهو الجمهور، الذي يُعده الكثيرين، ملح المنافسات، فإننا عشنا في موسمٍ مثمرٍ ومهمٍّ للغاية، بعد أن افتقرنا إليه طيلة 18 موسماً مضى!
إطار المرحلة الأولى، المنتهي، كشف عن تنظيم جيد الى حد كبير ومتابعة رائعة وحرص شديد وتطلع لرؤية أفضل واحترام غير مسبوق للمواعيد وارتقاء بنوع بالملاعب التي احتضنت المواجهات الـ 190 التي اقيمت!
نعم.. كانت هناك إيجابيات كثيرة في مرحلة الذهاب، لكن ذلك لن يمنع أبداً من تشخيص ظواهر سلبية، أهمها الاعتراضات التي يستوجب الوقوف عندها، كونها أثرت كثيراً على صورة المباريات، الى جانب الأخطاء التحكيمية التي أثرت بشكل أو بآخر على بعض النتائج، والمظلومية التي حدثت لمرات عديدة والتي لم تُنصف من يستحقها وأعطت المخطئ نقاطاً أو انتصارات لا يستحقها، بسبب ركلة جزاء أو استغلال قرار تحكيمي ترك غبناً أو إجحافاً هنا أو هناك!
والى جانب الظاهرة التي تجذّرت وهي إقالة واستقالة المدربين أو تبادلهم أو تنقل بعضهم بين هذا الفريق أو ذاك، وهي ما ترك علامات استفهام عديدة لما يحدث من سلوك مفرط أدّى الى غياب الاستقرار وانعدام الانسجام أو هضم البناء الفعلي لكل فريق وهو ما دفع ثمنه البعض واستثمره البعض الآخر، حتى وصل الحال الى التغييرات في المواقع والمراكز، دفعت بعض الفرق نفسها الى الدخول الى معترك الترتيب بقوّة وهبوط واضح لفرق أخرى!
أجمل ما سجّله مشوار مرحلة الذهاب من مسابقة الدوري الكروي، هو ظهور مواهب جديدة على الأديم الأخضر وتسجيل أسماء متميّزة استطاعت أن تتألق وتكون أوراقاً رابحة، بل وتشكّل ثقلاً مؤثراً في خطوط فرقها، مثلما تسابق المحترفون للتواجد كعملة مهمة مع الأندية التي تعاقدوا معها، وكان لهم دوراً في الأرتقاء بمستويات الفرق بتسجيلهم للأهداف أو لما قدّموه من أداء ثابت طيلة مباريات المرحلة الأولى!
أما أبرز ما تحقّق، فهو التشخيص النسبي الذي سجلته إدارات الأندية، كونها حدّدت أسباب تدنّي نتائجها وتراجع مستوياتها، فكان التغيير لزاماً لكوادرها التدريبية، ليس من باب التدخّل أو الافراط في التعامل بأمور فنية بحتة وفرض الآراء والإرادة، إنها لمحاولتها تصحيح المسار وتعديل الأوضاع والثبات على المستوى الذي تضعضع مرات وتراجع مرات وتذبذب في أحيان كثيرة، بل أن هناك فرقاً عاشت في تناقضات واضحة!
وللأمانة .. فإن فرقاً كانت تعاني الأمرين، وتواجه مسلسل الهزائم، وتقف على أعتاب الانهيار الفعلي، عادت الى أجواء المسابقة، وخطفت نقاطاً وكسبت انتصارات لم تكن في الحسبان، فكان لتأثيرات التغييرات التدريبية بصمة إيجابية على واقعها، وهو ما لمسه النقاد والمتابعون في الجولات الأربع أو الخمس الأخيرة، كما حصل مع الميناء الذي تقهقر في البداية أو الصناعات التي وجد وصفة العلاج بعد مرض استمر طويلاً، أو حتى نفط البصرة الذي لم يعرف معنى الاستقرار إلا مع جهازه الفني الجديد، وكذلك الحال مع فرق النجف الذي ثبّت أقدامه واستقر، بل وحتى الطلبة الذي عاد وإن كانت عودته متأخرة!
أخيراً فإن هناك توقعات بوجود تغييرات في نتائج بمرحلة الإياب التي يعتقد أن تكون حاسمة، برغم أرجحية فرق العاصمة بغداد في الهيمنة والتمسّك على مواقع المقدمة، مثل القوة الجوية بطل المرحلة الفعلي وكذلك الزوراء والشرطة وحتى الفرق الأخرى، مثل نفط الوسط والنجف وزاخو ونفط ميسان، كلّها حققت المطلوب وظهرت بروحية وكذلك بمقابل التراجع الذي فرض نفسه على بعض الفرق الأخرى!