متابعة: المدى

في مقابلة أجرتها معه صحيفة الغارديان

في عام 2015 ، كشف الكاتب كازو إيشيغورو عما زعم أنه “سره المشين”: إن رواياته متشابهة أكثر مما قد تبدو في البداية، ثم أضاف “أنا أميل إلى تناول نفس المواضيع في كل رواية اكتبها “.

لقد بدا تصريحاً مثيراً للسخرية بشكل خاص من كاتب كان قد انتهى لتوّه من كتابة رواية (لا تدعني أرحل) و ملحمته (العملاق المدفون). لكن ، يبدو أن إيشيغورو مع روايته الثامنة كلارا والشمس ، يكشف بشكل أكبر عن هذا السر القذر، يبدو هذا الكتاب – وهو رائع بالمناسبة – الى حد بعيد وكأنه قطعة من روايته (لا تدعني أرحل) ، فهو يستكشف مرة أخرى ما يعنيه أن يكون البطل كائناً غير بشري تماماً ، ويستمد قوته من أحلك ظلال مفهوم الوادي الغريب (يشير مفهوم الوادي الغريب إلى أن كائن الهيومانويد الذي لا يشبه البشر الفعليين بشكل تام، يثير مشاعر غريبة مألوفة من الغضب والاشمئزاز عند المراقبين) .

تدور الرواية حول قصة كائن اصطناعي اسمه “كلارا” يتوق إلى العثور على مالك بشري، فـ “كلارا” التي تتمتع بقوة ملاحظة عالية جداً، تراقب البشر الذين يزورون المتجر الموجودة به، على أمل أن يختارها أي منهم، وعندما يظهر احتمال تغير ظروفها إلى الأبد ويقتنيها أحد البشر، يتم تحذير “كلارا” من الاستثمار أكثر من اللازم في وعود البشر. تشتريها إحدى الأمّهات لتصاحب طفلتها المراهقة ، التي ، ولأسباب تتضح على مدار الكتاب ، تتلقى تعليمها في المنزل من قبل “أساتذة يلقون محاضراتهم عبر منصات التعليم عن بعد” في رواية تدور أحداثها في أميركا التي انتشر فيها التلوث البيئي وباتت قلقة من المستقبل. يتم اختيار كلارا من قبل جوزي ، وهي شابة ضعيفة البنية سرعان ما نعلم أنها مصابة بمرض قد يقتلها كما قتل أختها من قبل. وكما هو الحال مع رواية (لا تدعني أرحل) ، فإن إحدى المتع الهائلة لرواية كلارا والشمس هي الطريقة التي يقدم بها المؤلف للقارئ تلميحات وإشارات حول شكل هذا العالم المستقبلي ، وأسباب غرابته. يُترك لنا القيام بالكثير من تخيل أنفسنا ، وهذا يجعل قراءة الرواية عملية ممتعة.

تصطحب جوزي ووالدتها كلارا التي تعمل بالطاقة الشمسية من متجر متعدد الأقسام حيث أمضت أيامها وهي تنتقل من منصة إلى أخرى ، حيثما تعكس أشعة الشمس عبر أرضية المتجر ، إلى منزل في الريف. هنا ندرك إحدى مغريات الرواية: فهذه الكائنة الاصطناعية ترى الأشياء بشكل مختلف عن البشر ، وتتخيل العالم على أنه سلسلة من المربعات أو الصناديق ، وأحياناً تتأرجح في حركته بحيث تكون الصور التي تراها منحرفة ، وتبدو وكأنها مصابة بالصداع النصفي. إنها مجرد واحدة من سلسلة من الوسائل التي يجعلنا إيشيغورو نشعر بواسطتها بوجود الكائن غير الواعي ، وهي إحدى اللمسات الدقيقة التي تلمح الى الموضوعات الأعمق التي يتم استكشافها في الرواية.

ولأول مرة، بدأ كازو أشيجورو يخشى على المستقبل، ليس فقط من عواقب تغيّر المناخ، ولكن القضايا الأخرى التي أثيرت في روايته الجديدة: الذكاء الاصطناعي، وتحرير الجينات، والبيانات الضخمة و الآثار المترتبة على عدم المساواة وتشويه الديمقراطية. حيث يقول: “إن طبيعة الرأسمالية نفسها تغير نموذجها”. “أشعر بالقلق لأننا لم نعد نسيطرعلى هذه الأشياء.”

ومع ذلك ، فهو يأمل أن يعتبرها القرّاء “رواية مبهجة ومتفائلة”. ولكن كما هو الحال دائماً مع اشيغورو، يجب أن يكون هناك عزاء للقارئ. “فمن خلال تقديم عالم صعب للغاية، يمكنك أن تجعل القارئ يشعر بالأمل، ويمكنك إن تجعل الشمس تشرق من جديد.”

• عن الغارديان