علي حسين
هل شاهدت مثلي مقطع فيديو لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وهو يركض داخل محطة " قطار واترلو " للحاق بالقطار، حيث ظهر المسؤول البريطاني، في مقطع فيديو مدته 12 ثانية، وهو يجري مرتدياً الكمامة مع فريقه المرافق للحاق بالقطار، وأثناء ركضه حيته سيدة سجلت المقطع وهي تضحك، قائلة:
مرحباً بوريس، فيما لوح لها بيده ! .. وقد حظي الفيديو بآلاف التعليقات كلها تؤكد أن رئيس الوزراء كان يركض لأنه يعلم أن القطار لن ينتظره هو أو أي مسؤول غيره. ربما يسخر مني البعض ويقول يارجل لماذا تلف وتدور، وتحاول ان تمتدح الإمبريالية، وتنسى أننا علمنا العالم قبل آلاف السنين ما هو القانون؟ وحتما البعض سيسخر من " جنابي " ويهز يده ساخراً وهو يقول: تترك مشاكل البلاد والمؤامرة الأمريكية التي تريد أن تسرق منا عالماً بحجم عالية نصيف ، وقبل أن أجيب اسمحوا لي أن أواصل الحديث عن السيد جونسون، الذي يذكرنا اسمه باللصقة الشهيرة علامة "جونسون"، التي يصر مسؤولونا وساستنا على استخدامها رافعين شعار من الكرسي إلى القبر.. وأعود إلى جونسون، الإنسان وليس اللصقة، حيث لم تنته ضجة الفيديو حتى نشرت الصحف البريطانية خبراً يقول إن زوجة رئيس الوزراء الجديدة قررت أن تستأجر فستان زفاف مقابل 60 دولارا فقط ليوم واحد.
في مرّات كثيرة تبدو لي الكتابة عن تجارب الشعوب، أهم وأنفع للقارئ من أخبار الاحزاب السياسية في العراق والتي تريد ان تدخل موسوعة " غينيس " وتعيد لنا حكايات الف ليلة وليلة ، ولكن هذه المرة " الف حزب وحزب " ، ولافتات العشائر التي لا تريد أن تغادر عصر الزعماء، وقوانين قراقوش التي تريد أن تعيد لنا مجالس المحافظات والتي لم تجلب لنا سوى الخراب، ولهذا وجدت أن أخباراً مثيرة عن شعوب حية، أحرى بالكتابة من بؤس الخطاب السياسي العراقي.
قبل سنوات من هذا التاريخ قال بوريس جونسون إن احتمال جلوسه على كرسي رئيس الوزراء كان يشبه تخيل المطرب الراحل الفيس بريسلي يمشي حياً على سطح المريخ.
في بلاد الواق واق "العراق" لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، لكن معظمهم يطبقون حكمة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" ومفادها ترك الإعلام يتحدث كما يشاء حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، بل إن بعض الفاسدين يتباهون علناً بفسادهم.
كلنا يتذكر فضيحة ابن أحد المسؤولين الذي منع طائرة للخطوط الجوية العراقية من أن تغادر المطار، واجبرها ان تنتظره لساعات، وكلنا يعيش اليوم مع حجاج " يستنكفون " الجلوس مع الناس ، خوفا من الحسد .