TOP

جريدة المدى > عام > التجسيد البصري لرواية طبل الصفيح

التجسيد البصري لرواية طبل الصفيح

نشر في: 4 يوليو, 2021: 11:20 م

علاء المفرجي

تدور القصة حول حياة أوسكار ماتزيراث، كما يرويها بنفسه، عندما يحجز في مستشفى للأمراض العقلية خلال السنوات 1952-1954.

ولد أوسكار عام 1924 في مدينة غدانسك في بولندا، وقد كان ذو قدرة على التفكير والإدراك، قرر أنه لا يريد أن يكبر عندما سمع والدة يقرر أنه سيصبح بقالاً. كان موهوباً بقدرته على تحطيم الزجاج بصراخه الخارق، واستخدم هذه الموهبة كسلاح فأعلن أوسكار نفسه بأنه أحد هؤلاء الذين اكتمل نموهم الروحي عند الولادة ويحتاجون لإثبات أنفسهم فحسب. احتفظ أوسكار بمكانة الطفل في فترة بدايات الحرب العالمية الثانية، فقد كان له عدة علاقات حب، وعالم أوروبا ما بعد الحرب. خلال كل ذلك، بقي طبل صفيح تلقاه كهدية في عيد ميلاده الثالث كنزه العزيز، وكان على استعداد لأن يقتل مقابل الحفاظ عليه.

لم تُصب السينما في كل مرة يجري فيها نقل رواية الى السينما، إلا مع روايات بعينها خلدتها السينما، مثلما خلدها الأدب كرواية، مثل رواية الحرب والسلام، وذهب مع الريح، وعناقيد الغضب.. وغيرها. وعند هذا المستوى تقف رواية الطبل الصفيح لغونتر غراس وهي التي نالت جائزة نوبل الأدبية . فقد ترجمت الى اغلب لغات العام وعدها النقاد من عيون الأدب العالمي.

(الطبل الصفيح) عالجتها السينما على يد المخرج الألماني الكبير فولكر شلندروف وقد دخل هذا الفيلم قائمة كلاسيكيات السينما، والمفارقة ان هذا الفيلم انتزع سعفة كان الذهبية نهاية سبعينيات القرن المنصرم مع تحفة سينمائية أخرى هي (القيامة الآن) لفرنسيس كوبولا، ووجه المفارقة ان الفيلمين استمدا موضوعيهما من عملين أدبيين مهمين، ولعل ذلك هو العنصر الأهم في نجاحهما.

الفيلم يستمد من رواية غونتر غراس الأهم موضوعه وقد أبدع في معالجة موضوعة الرواية على الرغم من فرض رؤيته الخاصة على النص الأدبي، كان شديد الالتزام بناءً على شرط غراس نفسه بالواقعية الحادة التي ميزت العمل الأدبي.. وتعتمد الرواية- الفيلم على مذكرات القزم (اوسكار) التي يكتبها في مصحة عقلية عن جانب من التاريخ الألماني الذي تميز بصعود هتلر والنازية ثم سقوطهما المدوي من خلال سيرة (القزم) وقراره بإيقاف نموه وهو في سن الثالثة من عمره احتجاجاً على عالم الكبار الذي صنع الحرب وكرس بشاعتها ثم استئناف نموه بعد انتهاء الحرب ليواجه مجتمع ما بعد الحرب المنغمس في السعي الى الثراء والاقتناء والاستهلاك.تجلت الصعوبة في تحويل النص الأدبي في طريقة السرد فـ « أوسكار» يروي ذكرياته بطريقة الانتقال من الحاضر الى الماضي وهو ما يلزم الكاميرا بالعودة الى الوراء على طريقة الـ»فلاش باك» ، وللافلات من هذه الفكرة يلجأ شلندروف الى طريق التتابع الزمني الذي اضطره الى تخطي المرحلة الأخيرة في المذكرات التي تعالج أحداث ما بعد الحرب، وهي أيضاً مرحلة كتابة المذكرات والاكتفاء بالتسلسل الزمني لحياة أوسكار حتى انتهاء الحرب بخلفية الأحداث التي ترافقها..

في النص الروائي يكتب غونتر غراس سيرة تاريخية من خلال سيرة بطله ، بمعنى إنه يرصد الأحداث التاريخية من خلال منظور حياة متفردة، منظور شخصية مصطنعة هي شخصية القزم «أوسكار» والذي هو بدوره مرآة مشوهة لهذا الواقع بسبب رفضه له وتمرده عليه.. فكان من المهم أن يستعين الفيلم بوسائله الخاصة لتكريس هذه الحقيقة فمنذ اللقطة التي يرفع بها الطبيب المولود الجديد أوسكار من قدميه وتثبيت الكاميرا عند مستوى رأسه يجعلنا المخرج نلتزم في أغلب المشاهد واللقطات بمنظوره للأحداث التي ستقع بعد ولادته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram