طالب عبد العزيز
من أخبار البصرة السيئة أنَّ لسان الملح الصاعد من خليج الفاو تجاوز حدود ابي الخصيب فبلغ اليوم مركز المدينة (العشار) وبذلك يمكننا استعادة المشاريع العديدة التي تم الحديث عنها في العام 2018 و2019 والسنوات التي تلت، والتي منها اقامة السد على نقطة بشط العرب لم تحدد حتى الآن،
وانشاء محطة تحلية على خليج خور الزبير، لم توضع طابوقة منها الى اليوم، وايصال الماء العذب من قناة البدعة بما يغطي حاجة المدينة وهو حلم بعيد.. وهكذا، سيكون مصير المدينة بملايينها (ثلاثة ونصف آدمي) كانوا وما زالوا ضحية الحكومات الفاسدة.
ولا نريد أن نلقي باللائمة على آخر حكومة محلية في البصرة(حكومة السيد العيداني) فهي لا تملك عصاً سحرية، ولا تتحمل وزر الحكومات السابقة، لكننا، نجزم بان معالجة قضية الماء المالح لا بد أن تسبق الكثير من مشاريع كثيرة تقوم بها اليوم، وإذا كانت الحكومة الفدرالية لم تمنحها الصلاحيات الكاملة في تنفيذ هكذا مشروع، فعليها أن تقدم منفردة، مستعينة بابناء المدينة في الوقوف الى جانبها، باستقطاع مبلغ ما من موازنة المدينة، واستقدام الشركات الاجنبية، والمباشرة بالعمل فوراً، بعد أن بات الاعتماد على فدرالية ومركزية بغداد لا معنى له ، فالذي يده في النار ليس كمن يتفرج عليها.
ولكي نبين الضرر الذي يلحق المدينة في جانب واحد لا غير هو (البيئة) نقول بأنَّ أرقاما خرافية من الاشجار يغرسها البصريون في بساتينهم وحدائق منازلهم كل عام، لا يسلم منها إلا ما نسبته 2% لا أكثر، فيما يهلك الباقي بسبب الماء المالح الذي يجهز على مغروساتهم، وبما يتسبب الخسائر المريعة لهم، فضلاً عن نفوق الحيوانات والخسارات الكبيرة في مزارع الاسماك وخراب الاراضي الزراعية، ناهيك عن الضرر الذي يلحق بالانسان جراء استخدامه ماء البحر، الذي راح يتقطر ملحاً من صنابير البيوت.
ولنفترض أنَّ حاجة البيت في البصرة من الماء(1) واحد طن يومياً، والذي يضطر البصري الى شرائه من الباعة المتنقلين بالصهاريج بسعر يصل الى 15.000(خمسة عشر الف دينار) وبذلك سيضيف الى مصروفه اليومي هذا المبلغ الكبير، في ظل ظروف اقتصادية معروفة تحيطها الامراض، والحاجة للطبيب، والتبضع، والسكن، وأجور طلاب المدراس ومتطلبات الحياة الاخرى. هذه معاناة ينشغل عنها أصحاب القرار في حكومة بغداد، المنشغلين اساساً بحروب الانتخابات والمزايدات السياسية، فيما لا يجد المواطن البصري من يجيره في صيف اتى بناره على الزرع والضرع.
على حكومة بغداد أن تدرك الخطر الذي قد تشتعل شرارته في اي لحظة بالبصرة، فوصول الماء المالح الى صنابير البيوت لا يقل ضرراً عن انقطاع الكهرباء فيها، إما إذا احتمع الاثنان معاً فلا يحدثني أحد عن التهدئة، ولنذكر بان صيف البصرة كان وما زال مصدر النار في حرائق العراق برمته.