عمـار سـاطع
كنتُ قد كتبت، الأسبوع الماضي، في زاويتي هذه، موضوعاً عن المهمّة التي يفترض بمنتخبنا الوطني لكرة القدم أن يحسِمها بالشكل الصحيح والطريقة الأمثل، إذا ما أراد أن يستمرّ في مشواره بتصفيات القارة الآسيوية المؤهّلة لمونديال قطر 2022، وقلتُ أن ما فاتنا لن يعود، وما فقدناه لن يأتي، وكنتُ أقصد هنا تحديداً، تلك النقاط التي فرّطنا بها في المواجهات الأربع التي خضناها، قبل مهمّة الدوحة حيث مباراتي سوريا وكوريا الجنوبية، فإذا بِنّا نزيد الأمور تعقيداً أكثر فأكثر وندخل بين كمّاشتين أحلاها أمرُّ من الأخرى!
حاولتُ كغيري من المهتمين، أن أشحن همم لاعبينا، بعد أن فقدوا الحماسة تماماً، وأردتُ من كلّ ذلك أيضاً أن أزيد من فرصة حضورهم التي رحلت بسبب شرودهم الذهني الذي أصاب جسد الفريق وفكره، وغابت عن عناصرنا التطلّعات التي كانت دائماً ما تكون العامل الأول في تحقيق الانتصارات، مثلما رغبت أن أدعم، منتخبنا من أجل الإبقاء على ذلك الحلم، الذي نُهِبَ بفضل الاجتهادات والافتقار الى الأجندة الصحيح التي كُنا نعنيها في كل مرّة، وفي كل وقت!
للأسف فإن الضغوطات التي توالت، وغياب الاستقرار الافتقار الى الانسجام وعدم الاعتماد على الأسلوب الصحيح والتنوّع الغريب الذي طغى على قائمة المنتخب في كل مرّة، أدّى الى هذا الحال العصيب، وربما الوضع المزري، برغم انني كنتُ على يقين أن مستوى فريقنا لا يمكن أن يذهب الى أفضل ممّا هو عليه، وإن تحسّن، فهو يتحسّن بشرود بسيط أو استغلال للمنافسين الضعفاء في أغلب الاحيان، وهما في الحقيقة حالة طبيعية لمنتخب لا يملك الأدوات الفعّالة أو الاسلحة المؤثّرة نتيجة غياب الفوارق التي دائماً ما تُحدث النقلة النوعية!
وهنا لابد من القول أنه بعد التعادل الإيجابي الصعب الذي نلناه من نظيرنا السوري بهدف وخسارتنا الثلاثية أمام كوريا الجنوبية، أمس الأول، فإن مهمّة الدوحة، زادت علينا من مصاعبنا ومصائبنا، أكثر فأكثر، بل أنها أكملت على سلسلة التخبّطات التي تواصلت وأنتهت معركة مشؤومة في تأريخ كرتنا، وحقبة مأساوية في مسيرة أسود الرافدين، والحق يُقال أن جيلنا الحالي نال درساً مختلفاً من الانهزام وفقدان روحية التحدّي والاصرار على العودة، فكانت النتيجة غياب في الرؤى الصحيحة وضبابية في المشهد!
قد تكون هناك طروحات عدّة لسيناريوهات ما حصل من انتكاسة فعلية، دون أن تكون كبوة واقعية، إذ يُفسّر البعض ذلك بأخطاء واجتهادات تتعلّق برئيس اتحاد كرة القدم عدنان درجال، وقبلها في الهيئة التطبيعية، بقرار إبعاد كاتانيتش عن موقعه كمدرّب وإبرام صفقة الهولندي ديك أدفوكات، مثلما أن هناك آخر يذهب الى فترة الإعداد الفعليّة، وثالث الى التأخّر في التعاقد مع المدرّب، ورابع يلقي باللائِمة على اللاعبين وجيلهم الحالي وخامس الى ضعف المستوى الفنّي للدوري، وسادس الى سوء التخطيط وسابع وثامن الخ.. لكن الحقيقة واحدة لن تتغيّر، وهي إننا ندفع ضريبة الأخطاء التي تراكمت وباتت تشكّل حقيقة لا يمكننا تجاهلها، أو التغاضي عنها، لأنها ببساطة تلحق بنا أينما ذهبنا!
لقد أضعنا كلّ شيء بسبب سوء التخطيط وغياب التأسيس الصحيح والقاعدة الرصينة والافتقار لستراتيجية العمل الواقعي، وفي تصوّري أن من يُشجّع، مثلاً، على إعادة صورة كاتانيتش، المدرّب المهزوز والمهزوم، أصلاً بعدما أطاح بهويّة أسود الرافدين في المنامة قبل خمسة اشهر، هُم ذاتهم الذين شجّعوا قبل أيام على إخراج أدفوكات وطرح اسم مساعده بيتروفيتش، وهُم ذاتهم الذين أصرّوا على تغيير راضي شنيشل والدفع بباسم قاسم كبديل عنه، وهم أنفسهم الذين اسقطوا يحيى علوان وطالبوا بأكرم أحمد سلمان.. وهم أيضا من طرحوا اسم المدرب الأجنبي ليكون بديلاً لحكيم شاكر!
مشكلتنا ليست وليدة اللحظة، بل هي استمرار للتخبّط الذي يمتدُّ من تصفيات مونديال 1990، وها نحن نتقرّب للأمل وننشد للحلم، إذا ما بقي من الحلم خيط أصلاً!