اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > محكمة البندر

محكمة البندر

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 06:02 م

أحمد حسين
لا غرابة أن ترد المحكمة الاتحادية دعوى الطعن في قانون حقوق الصحفيين التي رفعتها جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، هذه الجمعية ورئيسها والكثير من زميلات وزملاء مهنة المتاعب وأنا واحد منهم، لم نكن نعول على غير هذا الرد من المحكمة الاتحادية، فالسلطة القضائية – الجديدة القديمة -  للأسف الشديد والموجع ما كانت لتشذ عن سرب الحزب الواحد والقائد الضرورة.
كنت حتى وقت قريب ورغم يأسي من أن تترفع السلطة القضائية عن التبعية للفرمانات الحكومية، أقول كنت رغم ذلك أراهن على أن الكتابة لصالح نزاهة القضاء العراقي وحث الزملاء على عدم الطعن به في كتاباتهم، ومغازلة هذه السلطة وشحنها بالقوة قد يثمر تشجيعاً ويحمل رسالة مفادها أننا معكم أيها القضاة ونحن إلى جانبكم ضد من يعمل على تسييسكم جميعاً، لكن اتضح أن قضاتنا لا يحترمون الكلمة الحرة ولا يأخذون بغير الأوامر والنواهي الحزبية.
قانون حقوق الصحفيين الذي صاغه أزلام النظام القائم عبر ما يسمى بنقابة الصحفيين العراقيين، ما هو إلا إعادة تفعيل وتطبيق لقوانين النظام المقبور وفرماناته الدكتاتورية وما سبقه من أنظمة استبدادية تعسفية، بل أنه تحديداً يعمل بموجب هذه المواد القانونية (قانون المطبوعات رقم 206 لسنة 1968، قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، قانون نقابة الصحفيين لسنة 1969، قانون الرقابة على المصنفات والأفلام السينمائية رقم 64 لسنة 1973، قانون وزارة الإعلام لسنة 2001). فضلاً عما يتضمنه قانون نقابة صحفيي النظام الحالي من مخالفة صريحة للدستور الجديد وخاصة المواد (13، 14، 38، 46). ناهيك عن آراء الخبراء الدوليين المختصين بهذا الشأن الذين استنكروا هذا القانون وأيدوا طعن وشرعية وقانونية الطعن بهذا القانون، لكن للأسف رياح الكلمة الحرة تجري بحسب ما يخرج من الأبواق.
لا خلاف على أن المحكمة الاتحادية التي تحكم وفقاً لمواد الدستور وهي الأعرف والأدرى بالقوانين السابقة واللاحقة، كان عليها أن لا تسمح بمرور مثل هكذا قانون مكتوب بحبر أحمر، وبالتالي فإن الطعن الذي تقدمت به جمعية الدفاع عن حرية الصحافة كان بمثابة مخرج للقضاة لرفض تمرير هذا القانون الصدامي، هذا إن كانوا كما يدعون أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة من السياسيين، لكنهم بردهم الطعن أثبتوا بما لا يقبل الشك أن لا ضغوط ولا تهديدات بل هي إعادة إنتاج للعهد المباد بحلة أخرى، خاصة وأن الغالبية العظمى منهم (قضاة) ذلك العهد.
الأشد استفزازاً في هذه القضية هو، أن منظمة مدنية من المفترض أنها معنية بحرية وحقوق الصحافة والإعلام في العراق وحدود دورها تقف عند التنديد والاستنكار والشجب، لم تكتف بذلك وتصدت لهذا القانون البعثي وخاضت مغامرة لم نستبعد جميعاً أن تنتهي باعتقالات تعسفية أو تصفيات جسدية لرئيس الجمعية وأعضائها، وفي المقابل نجد أن المحكمة الاتحادية التي هي بالأساس مختصة بالحفاظ على الدستور وصيانة الحقوق العامة والخاصة وفقاً للدستور والقوانين، تتحول من وظيفتها هذه إلى حامٍ للتعسف والدكتاتورية.
في لقاءات عدة مع الزميل عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، قلت له إن مشكلتنا الحقيقية ليست مع الحكومة ولا حتى ما يسمى بنقابة الصحفيين، بل أنها مع الجحافل المنقادة من الصحفيات والصحفيين الذين لا همّ لهم سوى بطون لا تشبع وجيوب لا تترفع عن الرشوة وأقلام لا يسيل حبرها إلا على العملات النقدية، هؤلاء هم مشكلتنا، فهم من طبلّ وزمّر لنقابة صحفيي النظام الحالي كونهم هم أيضاً من طبلّ وزمّر لنقابة المقبور عدي، وهي طبعاً من سيواصل التطبيل والتزمير لما سيأتي من أنظمة شوفينية استبدادية، ما دامت الكلمة الحرة رهينة محكمة لا تختلف كثيراً عما سبقها من محاكم الأنظمة المستبدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram