علاء المفرجي
السينما تستعيد لحظات الكفاح لرجالاتها في سعيهم لإرساء أجمل دعائم الترفيه في السنوات المبكرة من عمرها.. وفي هذين الفيلمين يبدو الأمر وكأنه إشارة الى أن بهرجة التقنيات الحديثة لا يمكن لها أن تطمس تاريخاً رائعاً من الإنجاز.
في اغلب أفلام المخرج الإيطالي الكبير فيلليني، نقف عند موضوعة الحنين إلى السينما ، بدءاً من (8.5) وليس انتهاءً بـ(ساتيركون) أو (جنحز وفريد)، والسمة التي نكاد نلتمسها في غير مخرج إيطالي ولعلَّ ابرزهم المخرج (جوسيبي تورانتوري) في فيلمه (سينما باراديسو) .. في العامين الأخيرين نشط إنتاج هذا النوع من الأفلام مع هيمنة التقنيات الجديدة في السينما، وانتشار ظاهرة صناعة الأفلام الثلاثية الأبعاد التي شكلت حضوراً لافتاً في الإنتاج السينمائي العالمي مع عدد غير قليل من الأفلام، خاصة وأنها بدأت تستهوي أسماء لامعة في هذه الصناعة، كما الحال مع المخرج الكبير مارتن سكورسيزي في فيلمه (هيوغو) الذاهب إلى الأوسكار بأربعة ترشيحات.
نقول إنه مع هذا الاحتفاء الاستثنائي بالتطور التقني في صناعة الفيلم الذي أصبح فيه هو البطل الأوحد في المشهد الفيلمي، إلا أن عدداً من السينمائيين مازال يحنّ الى ماضي السينما وفجريتها، مراهناً على رغبة شريحة كبيرة من جمهور السينما في استعادة مجد لم يأفل بعد للسينما، زمن الصمت، والأبيض والأسود، والنجومية.
مارلين مونرو إحدى أيقونات السينما، فمنذ منتصف الخمسينيات وحتى الان، ورغم وفاتها في بداية الستينيات، إلا أنها مازالت حديث السينما، كتب كثيرة صدرت عنها، مقالات راحت تستقصي أسباب موتها، أفلامها تعاد في كل مرة ويجري اقتباسها، حتى أصبحت بتاريخها الفني والشخصي أحدى العلامات البارزة في عالم الفن السابع.
السينما بلا شك كانت الأحق في استذكار مارلين مونرو في كل مرة يبرز الحديث عن تفصيلة من حياتها، أو من الأحداث التي مرت بها.. فمنذ وفاتها حتى الأن لم تكتف السينما باستذكارها في المهرجانات أو المناسبات الأخرى، بل راحت تصنع الأفلام عنها.
وسنتحدث عن فيلمين عن مونرو انتجت هذا العام، الأول وثائقي والثاني دراما متخيلة عنها.. (الشقراء) هو فيلم أمريكي عن السيرة الذاتية من تأليف وإخراج أندرو دومينيك ، والثاني مقتبس بنفس الاسم ، عن رواية صدرت عام 2000 للكاتب جويس كارول أوتس . الفيلم عبارة عن قصة خيالية عن حياة ومهنة الممثلة الأمريكية مارلين مونرو، التي لعبت دورها الكوبية آنا دي أرماس. أما الفيلم الثاني هو فيلم (سر مارلين مونرو: الأشرطة غير المسموعة).
وفي هذا السياق نفسه يأتي فيلم (أسبوعي مع مارلين)، ونبدأ بالفيلم الذي عرض قبل عشرة أعوام، والذي يمثل تحية لمجد السينما في وقت هيمن فيه النجم السينمائي على المشهد، وكانت مارلين مونرو حينها سيدة هذا المشهد، وأحد أبرز نجومه، سواء في أفلامها أو في سيرتها الحياتية التي مازالت حديث عشاق السينما، أو حتى في نهاية حياتها الدراماتيكية التي أصبحت لغزاً محيّراً.
يذهب بنا الفيلم إلى صيف عام 1956 ، عندما وصلت النجمة الأميركية “مارلين مونرو” إلى بريطانيا لتمضية شهر العسل مع زوجها الكاتب المسرحي الأشهر آرثر ميلر ، وأيضاً لتصور فيلمها الجديد (الأميرة وفتاة الاستعراض)، الذي يشاركها فيه الممثل الانكليزي الأسطورة السير لورنس أوليفيه ممثلاً ومخرجاً، في هذا الوقت يدخل الشاب العشريني (كولن كلارك) موقع التصوير للمرة الأولى في حياته بصفته مساعد إنتاج مبتدئاً في الفيلم نفسه، وكان حديث التخرج من جامعة أكسفورد، يستعيد بعد أربعين عاماً أشهر التصوير الستة في هذا الفيلم وتجربته في العمل مع النجوم من خلال سردٍ لمذكرات في فيلمه (الأميرة وفتاة الاستعراض، وأنا) ، لكنه يتغافل عن أسبوع من هذه الأشهر الستة لم يأت على ذكره ، وها هو في هذا الفيلم يسرد لنا القصة الحقيقية لهذا الأسبوع؛ أسبوع سحري أمضاه مع النجمة الكبيرة جدير بأن يُسرد . الفيلم يقدم نظرة حميمية لم نعهدها من قبل إلى أهم رمز سينمائي على الإطلاق.