TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: آني اسمي موجود؟

العمود الثامن: آني اسمي موجود؟

نشر في: 1 فبراير, 2023: 12:08 ص

 علي حسين

يتحفنا رسام الكاريكاتير الكبير خضير الحميري صباح كل يوم بلوحة مذهلة تقرأ ما يجري في هذه البلاد العجيبة والغريبة، مستنداً في ذلك إلى المهازل التي تحيط بنا من كل جانب والتي حولت العراق إلى بلاد يستبيحها اللصوص.

ولأننا نعيش عصر الكاريكاتير بامتياز، فقد قدم لنا خضير الحميري لوحة معبرة عن واقعنا وهو يناقش التعليمات التي أصدرتها وزارة الداخلية حول محاسبة أصحاب المحتوى الهابط.. ففي وسط اللوحة نشاهد سياسياً من زمن التحاصص البغيض، يسأل هل اسمه موجود في قائمة التبليغات عن اصحاب المحتوى الهابط ؟ في عبارة مضحكة : "آني اسمي موجود؟" . لعلها أذكى جملة تعبر عن الواقع الذي وصلنا إليه، تصريحات أقرب للهلوسة، وخطاب إعلامى وسياسي أشبه بصيحات تصدر عن مسرحية هزلية ، تكرار ممل لخطابات ممجوجة واحاديث مستهلكة، فقدت صلاحيتها.

منذ ان اخترع جهابذة السياسة في العراق مسمى ديمقراطية التوافق الوطني أصبح الفساد في بلاد الرافدين محمياً بقوة القانون والسلاح، وأصبح الفاسد والمرتشي مدللاً ونجماً، تفتح له الفضائيات أبوابها ليقدم دروساً في الوطنية والنزاهة حتى أننا فتحنا أبواب لجنة النزاهة البرلمانية ليدخلها النائب مثنى السامرائي صاحب ملفات فساد المناهج الدراسية ، ولم يُعرف عن نظامنا السياسي الديمقراطي أنّه ضد الفساد، بل على العكس من ذلك، هو نظام يتيح أحسن الفرص للسراق والانتهازيين والمتلونين، ليتحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب قنوات فضائية ومشاريع تجارية ومولات وجامعات وأرصدة في بنوك الخارج والنماذج موجودة داخل قبة البرلمان وبمختلف الاطياف والشعارات .

لوحة السياسي هو يسأل عن اسمه ، ليس غريبا على بيئتنا السياسية ، فنحن نعبش في ظل ساسة محصنون ضد النزاهة .

من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كاريكاتير خضير الحميري ، ويتابعون اخبار بلدان وشعوب كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، فالمواطن العراقي يعرف جيدا ان مهمة السياسي في دول العالم التي لا يمثل فيها النائب دورا كوميديا ، هي أن يرتقي بالعمل السياسي، ويضع هموم الناس تحت المجهر، ، لكننا في هذه البلاد نعيش مع سياسيين ومسؤولين يمارسون " فرهودا " منظما ، وهم يعرفون جيدا أن لا أحد سيحاسبهم .

في كل يوم نشاهد على الفضائيات مقاطع مضحكة لسياسيين تتميز بسوء التعبير والخلوّ من أي جملة نافعة ، لكنها في المقابل تجلب المنفعة لرسام " مشاغب " وعبقري مثل خضير الحميري ، مطلوب منه ان يرفع يديه الى السماء يشكر الله ليلاً ونهاراً على أن رزقه بهذا النوع من السساسة الظرفاء .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram