TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: وصية ابن خلدون

العمود الثامن: وصية ابن خلدون

نشر في: 7 فبراير, 2023: 01:01 ص

 علي حسين

بالأمس وأنا أتجول داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب، شعرت وكأنني أتجول في عواصم العالم، وخيل إليّ وأنا أنظر إلى رفوف الكتب أنني أجوب شوارع روما، أو أقطع المسافات بين بيوت ماكوندو بحثاً عن العقيد أورليانو،

 وأن أفلاطون سوف يطل في أية لحظة بردائه الطويل ليقول لي: «لا يمكن زوال تعاسة الدول ما لم يتمتع حكامها بفضيلة التعلم، إن طلب العلم شرط لمن يتقلد زمام الحكم، والسبب هو ما يتميز به الحاكم المتعلم من حكمة وصدق»، وأن سيمون دي بوفوار ستخرج من صفحات روايتها «المثقفون» لتعيد على مسامعي درس الحرية الذي قال فيه ألبير كامو لسارتر ذات ليلة «لا يمكن للإنسان العاقل أن يختار العيش في قفص، إلا إذا أراد أن يربط مصيره بآيديولوجيات ميتة» فيما سارتر ينظر إلى وجه صديقه اللدود الشبيه بوجوه نجوم السينما ليعيد على مسامعه درس المثقف الملتزم: «لا يمكن للمثقف أن يحاكم عصره دون الخوض في أوحاله»، وأن امرئ القيس لن يحدثني عن ملك ضاع وإنما عن قلب متيم بالهوى: «أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل»، وأن الإمام الفقيه بن حزم سيلقي على دراويش حكومتنا درساً في المحبة: «الحب أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، وليس بمنكور في الشريعة، ولا محظور في الديانات».

انظر إلى الكتب التي غصت بها قاعات المعرض وأسأل رفيقي في رحلة التجوال كريم راهي: كيف يمكن قراءة كل هذه الكتب وقبل أن ترتسم الدهشة على معالم وجهه أقول له ما قاله فرنسيس يبكون لأحد طلبته “بعض الكتب وجد لكي يذاق وبعضها لكي يبتلع والقليل منها لكي يمضغ ويهضم” من أجل هذا القليل قادتني قدماي باتجاه مذكرات أندريه مالرو وزير ثقافة ديغول والتي أطلق عليها عنوان “لا مذكرات” أتصفح الطبعة الجديدة من الكتاب، ولا أعرف عدد الطبعات التي صدرت منذ أن ترجم لنا الشاعر الفذ فؤاد حداد هذه السيرة الممتعة، ليعدني شريط الزمن إلى المرة الأولى التي قرأت فيها كتاب مالرو الذي أراد له أن يكون شهادة على عصر مثير أصر فيه الجنرال ديغول على أن تكرس الثقافة لأقصى حد من أجل إزالة آثار الحرب العالمية الثانية من نفوس الفرنسيين.

يتلصص علينا العلامة ابن خلدون ويذكرنا بنصحيته لنا قبل ألف عام عندما كتب: “كلما أوغلت الأمم بالبداوة، كانت أبعد ما تكون عن الحرية” لكن ساستنا اليوم يا صاحب المقدمة الشهيرة يوغلون وباسم الحرية، بالتطرف ونهب الثروات، والانتهازية، ويمتطون الديمقراطية لقهر الناس وإذلالها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram