علي حسين
قررت أن أكتب هذا المقال، وأنا أتوقع أنْ يلومني البعض من القرّاء الأعزّاء على بطري، وقبل أن يُعلّق أحدهم قائلاً؛ أنت ينطبق عليك المثل القائل: "البطَرُ عند الرخاء حُمْق"، والحمد لله لا أعيش في مجتمع الرخاء، ومع كلّ المبرّرات التي سأطرحها عليكم،
لأنني اخترت الكتابة في هذا الموضوع الذي يشغل العراقيين هذه الأيام، إلّا أنّ هناك من سيقول حتماً: يارجل ألا تحس بالمسؤولية؟، لماذا أنت معدوم الضمير؟، تجلس وراء الكيبورد وتحاول بكل برود أن تدافع عن "المحتوى الهابط"؟، لماذا لا تناقش مشاكل الدولار الذي لا يريد أن ينزل من برجه؟،أعرف أن مثل هذه الموضوعات قد تضعني في خانة الكتّاب "السلبيّين" وإذا كان الابتعاد عن مناقشة نظرية النائب "أبو مازن" أحمد الجبوري في بيع المناصب وكان آخرها لفلفته لنصف مليون دولار من بيع منصب مدير عام، يعد امر غير مهم ، والمثير أن القانون سمح لأبو مازن بأن يذهب إلى بيته مطمئناً في الوقت الذي جندت فيه أجهزة الأمن كل قواتها لاعتقال شاب يتحدث الإنكليزية بطريقة كوميدية..
قد نعطي رجال السياسة في العراق العذر في حملتهم ضد ما يسمى "المحتوى الهابط"، لكن ردود الأفعال في مواقع التواصل الاجتماعي التي تطالب بتعليق أصحاب هذا المحتوى تحت نصب الحرية تبدو غريبة وعجيبة، حيث شاهدنا الصمت المريب على المحتوى الطائفي الذي تبثه الكثير من الفضائيات ومعها ضيوف بالبرامج وكتبة بالأجرة مهمتهم تمزيق هذا الوطن وإشعال الفتنة فيه، دون أن يتعرض لهم أحد أو أن يسأل من يقف وراءهم؟، فوجدنا مَن يعتبر المحتوى التحريضي حق يكفله القانون والدستور، مثلما لا يزال يحمي نواباً وسياسيين نهبوا مئات المليارات من أموال الشعب.
منذ ما يقارب التسعة عشرعاماً من الوقائع والأحداث التي لم يترك لنا فيها السياسيون والمسؤولون "أدامهم الله ذخراً لنا" فرصة واحدة للاستقرار والعيش بأمان، وبناء دولة المؤسسات، وإشاعة العدالة الاجتماعية .ولم يكونوا يفوتون فرصة أن يذكّروننا؛ نحن "الشعب المطيع" بأنهم يريدون لنا أن نعيش معهم في مجتمع مغلق، ودولة تخاف من المحتوى الهابط، وأحزاب تجد في مواقع التواصل الاجتماعي بلاء عظيماً، فيما المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمّن له حياته وحاجياته وينشر الأمل والتسامح.
وقد يبدو مضحكاً اليوم الحديث عن "المحتوى الهابط" فيما البلد مطمور بالأوساخ والمشاهد الكريهة للفساد الإداري والمالي. أو مثلاً الحديث عن دعوة النائبة عالية نصيف لكي تعلمنا الأخلاق، فيما يقف 40 % من العراقيين على حافة الفقر.
أيها السادة نريد من أحزاب السلطة ومعها الدولة أن تبني لنا بلداً ليس فيه حقد وكره وتحريض. بلد خال من النهب والتغييب القسري . اما المحتوى الهابط فالجميع يعرف مصدره ومن يقف وراءه .
جميع التعليقات 1
جعفر صادق رشيد
د. لبيب سلطان قام بتوصيف المؤسسة التي اوصلتنا الى هذا الحال بشكل مفصل في هذا المقال. عنوان المقالة: ألقضاء العراقي رجعي ومسيس ومتستر ودمر بقايا الدولة الرابط https://akhbaar.org/home/2022/8/296597.html