TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حزورة مطار النجف

العمود الثامن: حزورة مطار النجف

نشر في: 21 فبراير, 2023: 12:06 ص

 علي حسين

سنُصاب بالصدمة أنا وحضرتك عزيزي القارئ، لو أننا سمعنا أو قرأنا أنّ أحد السادة المسؤولين الكبار، قضى شطراً من الليل وهو يجلس أمام قاضي التحقيق يسأله من أين لك هذا؟ مثل هذا السؤال ممنوع في هذه البلاد.

 

إذا كان هناك ما يجب أن نعرفه، فهو حكاية مطار النجف حيث كشف رئيس سلطة الطيران المدني عماد الأسدي، عن أن السلطة لا تعرف عائدية مطار النجف ولا تعلم أين تذهب إيراداته.. ما قاله الأسدي على إحدى الفضائيات موجود بالصوت والصورة على موقع يوتيوب، لكن لا أحد يستطيع أن يحاسب المسؤولين على المطار ويسألهم: أين تذهب الأموال؟

في بلاد أخرى تحترم الديمقراطية، بإمكان القضاء أن يستدعي رئيس الوزراء ويسأله من أين لك هذا؟ ، لكن في بلاد الرافدين هل نستطيع أنا وأنت عزيزي القارئ، أن نسأل نائب في البرلمان من أين له الأموال التي مكّنته من شراء عقارات وفضائيات ؟ مجرد سؤال بريء ولوجه الله، لأنني أعرف حتماً أن قيمة النائب العراقي السياسية، أهم بكثير من قيمة أي مواطن عراقي، فالنائب عملة وطنية نادرة.

كنت أتصفح موقع الفيسبوك عندما وجدت في صفحة الصديق "أبو زين العابدين الحسناوي" وهو مواطن من مدينة النجف وأحد أبرز وجوه احتجاجات تشرين، تظاهر ضد الفساد وتعرض للتهديد أكثر من مرة، منشور عن أملاك مدير مطار النجف السابق، وقد أثار اهتمامي أن الرجل استثمر عشرات الملايين من الدولارات في مشاريع فندقية، وللمفارقة وأنا أقرأ المنشور على صفحة الأستاذ الحسناوي كنت أستمع لأحد النواب وهو يقول إن زمن الفساد قد ولّى إلى غير رجعة، وإننا نعيش أزهى عصور النزاهة والشفافية.

وضع شيوخ القواميس العربية تعريفات كثيرة لمعنى الاستحواذ والأطماع والفشل، لكنّ البعض يريد أن يجد تعريفاً جديداً للسلطة لا يتعدّى مصطلح "ما ننطيها"، وفي معظم الحالات ليست سوى خراب ونهب .

عندما يدمّر المسؤول ، مؤسسات الدولة، بدلاً من تطويرها على أسس ديمقراطية.. فهو يهين الدماء والأرواح التي قدّمها العراقيون على مدى عقود طويلة من أجل أن يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقّة.

وعندما يصرّ سياسي على الاستحواذ على كل شيء وأي شيء، ويستخدم مقرّبوه حيلاً وألاعيبَ لتخوين الآخرين وإقصائهم.. عندما يسرق بلد في وضح النهار، عندما يبرر التعذيب والاعتقال العشوائي.. عندما تسلّم مؤسسات الدولة إلى أصحاب الثقة لا أصحاب الخبرة، وعندما لا يرى رئيس الوزراء في القضاء سوى القوانين التي تحصّن سلطاته وتصونه.. فإننا بالتأكيد سائرون في طريق الخراب.

في تجارب الشعوب التي طالما أتمنى أن يتعلّم منها ساستنا نجد صوراً أخرى لزعامات قدّمت لشعوبها الأفعال بدلاً من لغة الشعارات والخطابات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram