TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: فيتو ضد الصناعة!!

العمود الثامن: فيتو ضد الصناعة!!

نشر في: 22 فبراير, 2023: 11:38 م

 علي حسين

العام 1977 كان الرئيس الصيني دنغ كسياو بنغ يلقي خطاباً أعلن فيه انتهاء "الثورة الثقافية الكبرى" التي دامت عشر سنوات. وقف أحد الحاضرين وكان يحمل منشوراً ليسأل: وماذا سنفعل بهذه التعاليم؟، قال دنغ بحزم: سوف نكمل بناء الصين ولكن من خلال العمل فقط، لا من خلال المنشورات.

 

عندما تسلّم دنغ السلطة، كانت الصين بين أضعف دول العالم اقتصاداً، أكثر من نصف سكانها يعانون من البطالة. وعندما ترك السلطة عام 1992 كانت الصين تصنع السيارات والإلكترونيات وكل ما يهم سكان الكرة الأرضية، لقد قرر أن ينسخ المعجزة السنغافورية، وربما سيسخر البعض ويقول هل يعقل أن تطلب دولة بحجم الصين المساعدة من جزيرة اسمها "سنغافورة"؟!. وأحيل "الساخرين" إلى مذكرات لي كوان يو "قصة سنغافورة" .

قدّم دنغ للعالم صورة مختلفة عن الجنس الأصفر وأصحاب البدلة الواحدة، أراد أن يرسل الماضي إلى النسيان، وقال لمنتقديه وهم يهاجمونه على فتح قنوات اتصال مع أميركا: إن الأنظمة التي تغلق على نفسها الأبواب تموت. يجب أن أعترف بأنني دائماً ما أعيد على مسامعكم تجارب الشعوب، وأنسى أننا بلاد علّمنا البشرية القراءة وخطّ الحرف، أكتب عن الصين وأنسى أن حمورابي وضع أول مسلّة للقوانين، و"أعيد وأصقل" بحكايات ماليزيا ورئيسها المؤمن مهاتير محمد، وأنسى أن لدينا أكثر من مئة ألف مسؤول يؤدون الفرائض بانتظام وسيماء التقوى على وجوههم، هذا معيب ياسادة، ويجب أن أتوارى خجلاً لأنني أعتقد أن الكتابة عن نظرية مانديلا في المصالحة، أجدى وأكثر نفعاً من الحديث عن المصالحة التي يقودها ملتقى الرافدين والتي كان من بشائرها أنّ حنان الفتلاوي أبرز منظّريها الكبار.

ماذا نريد أن نعرف بعد ذلك؟ الصناعة صفر.. الزراعة نستورد البصل، الإسكان بلا مشاريع، الاستثمار متوقف حتى إشعار آخر. التنمية في خبر كان، والناس مشغولة بالمعركة على قطعة الأرض التي تقام عليها مصانع تعليب كربلاء، فما حاجتنا إلى مصانع ونحن بلد يستثمر أمواله في "المولات"؟.

حين لا تكون الصحافة مشغولة بأخبار القضاء على الصناعة الوطنية، وتحويل مصنع تأسس عام 1962 إلى مشاريع استثمارية، وحين لا تستطيع الحكومة أن تتدخل في منع عملية القضاء على على المنتوج المحلي، تكون النتيجة أن المواطن ربما يسأل: ما الغاية من وجود وزارة للصناعة تتعارك عليها الكتل السياسية، في بلد يستورد حتى المكنسة اليدوية؟.

في كتاب "قصة موجزة عن المستقبل" يقول المفكر الفرنسي جاك أتالي، "هناك دول اختارت أن تحجز لها مكاناً في الصفوف الأولى من عربة المستقبل"... فيما نحن اخترنا أن نتحول إلى بلاد لـ"المولات".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram