علي حسين
إسمحوا لي أن أؤجل الحديث عن معركة كسر بين مشعان الجبوري و"الرئيس" محمد الحلبوسي، وأتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تتوهم أنه من أجل أن يحتل العراق مراتب متقدمة في التنمية، وأن ينافس البلدان التي تحترم مواطنيها، لكن المعركة ياسادة من أجل المكاسب..
تخيل جنابك مجلس نواب "فرحان" بإصدار قوانين تمنع المشروبات الكحولية، لكنه يصمت ويضع رأسه في الرمل وهو يقرأ التقارير التي تؤكد أن العراق وبفضل قوانين برلماننا "الشجاع" على قائمة الدول الاكثر تعاطيا للمخدرات ، ولا ننسى ايضا الاكثر نهبا للمال العام . مئات التقارير التي تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء في هذه الدولة التي انتفضت لحفلة غنائية، لكنها تصمت، عندما يتعلق الأمر بجرائم قتل وتعذيب النساء، فحين يهتف الجميع بصوت واحد: كلا كلا للرفاهية الاجتماعية، لا تحدثني عن ملفات البطالة، ونسبة الفقر، فهذه أمور بسيطة تُحل بخطاب "ثوري" عاصف.
في العام الماضي نشر مجلس القضاء العراقي بياناً قال فيه إن نسبة الإدمان على المخدرات بين الشباب العراقي وصلت إلى 50%، وإن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة.. قبل تقرير مجلس القضاء كانت تقارير تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء.
في تقارير وزارة الداخلية نقرأ، بأن "هناك أساليب ذكية وتقنيات حديثة يتخذها المهربون منها طائرات مسيرة".
منذ أن أطلق مجلس نوابنا صولته لحماية الأخلاق ومحاربة العراقيين "الكفرة" اكتشف المواطن العراقي أن مرحلة المخدرات ما كان لها أن تتأسس، لولا أفضال أباطرة الفساد.
اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.
والآن دعونا نتساءل: هل من أجل كراسي البرلمان طالب العراقييون بالتغيير؟ أو من أجل هؤلاء وغيرهم عشرات ابتهج أهالي البصرة والأنبار والموصل وبغداد وميسان وذي قار بانتهاء عصر الدكتاتورية ليجدوا أنفسهم محاصرين بـ"تقلبات" الساسة وصراعاتهم.
وفي أوضاع كهذه من حق العراقيين ألا يبالوا بجلسات برلمانهم الذي يسعى الى تطبيق نظرية محمود المشهداني بـ " تحييط افواه العراقيين " ، وأن لا يقعوا في غرام العملية السياسية والسبب لأن بضاعتها قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي فهي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها.
نعيش مع وجوه متعددة للخراب ، بل يمكنك عزيزي القارئ أن تقول إنك تشاهد كل يوم مسرحية "الفساد للفساد" .