اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: أعظم معرض في العالم

باليت المدى: أعظم معرض في العالم

نشر في: 19 مارس, 2023: 11:09 م

 ستار كاووش

لا يمكن وصف المعرض الذي يقام هذه الأيام للفنان فيرمير (١٦٣٥-١٦٧٥) في متحف رايكس بمدينة أمستردام، سوى إنه أعظم معرض يقام الآن في كل المعمورة، وذلك للمكانة الأسطورية لهذا الرسام، والإبداع الإستثنائي والحضور الأخاذ للوحاته التي تجاوزت القرون دون أن تخفت أهميتها ومكانتها. حيث يصف المعنيين ومدراء المتاحف ومؤرخي الفن، هذا المعرض كونه لا يمكن أن يتحقق سوى مرة واحدة كل مائة سنة. فما هو سر معرض فيرمير، ولِمَ كل هذه الأهمية وهذا الإهتمام الذي تعدى الوصف؟

ثمانية وعشرين لوحة فقط هي كل محتويات المعرض، لكنها كافية لتحريك المناخ الفني وجعل عشاق الفن يتكدسون أمام بوابة متحف رايكس في أمستردام لرؤية روائع فنان عصر الباروك يوهانس فيرمير. وهذه اللوحات التي تبدو قليلة في عددها، قد جمعت من بلدان عديدة مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا وغيرها الكثير، لتُعرض مجتمعة في معرض فريد، وهي لم تجتمع سوية أبداً خلال أربعة قرون من الزمن، حتى فيرمير نفسه لم يشاهدها مجتمعة في مكان واحد. وقد عمل المتحف ثمان سنوات متواصلة كي يحقق هذا المعرض وهذا الحلم الفني الذي ينتظره الجميع سواء في هولندا أو خارجها. وقام المتحف بالعديد من الإتصالات بالكثير من المتاحف خارج هولندا، ووفر ضمانات لا حدود لها وأوجدَ الحلول للكثير من المعوقات، ليصبح هذا الحدث حقيقة.

لكن المشكلة الكبيرة كانت في امكانية المتحف بالسيطرة على الأعداد الغفيرة التي تريد مشاهدة لوحات هذا الرسام العبقري. كيف ستُباع البطاقات وما هو العدد الذي يكفي للفترة الزمنية المقررة للعرض؟ فقد نفدت بضع ملايين من البطاقات خلال أيام قليلة، ومن المتوقع أن يصل عدد الزائرين في النهاية الى عشرة ملايين زائر، وهذا العدد هو أكثر من نصف عدد سكان هولندا (نفوس هولندا سبعة عشر مليون نسمة)، وسيكون هذا رقماً قياسياً غير مسبوقاً في حضور المعارض، ونجاحاً للثقافة وإعترافاً بقيمة الفن الحقيقي الذي لا يصدأ مهما كثرت تقليعات الفن ومهما إستسهل الكثيرون عرض أعمال ساذجة بإسم الحداثة. وقد بادرَ المتحف بزيادة عدد الساعات التي يفتح فيها أبوابه للزائرين، وصار بإمكان محبي فن فيرمير أن يزوروا المعرض حتى الساعة الحادية عشرة مساءً، وهذه خطوة نادرة بالنسبة للمتاحف التي عادة ما تكون أوقات افتتاحها محددة.

في هولندا يشعر الناس بفرح عظيم، لأن لوحات فيرمير قد عادت أخيراً الى موطنها الأصلي، عادت بعد بضعة قرون من الزمن الى الأرض التي رُسمت فيها، وهذا وحده كفيل بالاحتفال والفرح الغامر بهذه المناسبة الثقافية والتاريخية. هكذا تحتفل هولندا الآن بفيرمير، الذي لم يرسم خلال حياته القصيرة، سوى سبعة وثلاثين لوحة فقط، وكلها تقريباً صغيرة الحجوم، لذا أصبحت أعماله نادرة كإنها جواهر تتوزع على الكثير من المتاحف العالمية التي تعتز وتفخر بها.

ما يميز لوحات فيرمير هو إنها هائة ومريحة للعين، حيث يوزع شخصياته في غرف هولندية تقليدية إفترشت في زواياها وعلى طاولاتها أقمشة المخمل، كذلك إهتم برسم فلاحات بوجوه مشعة بحمرة الريف، وهن منشغلات بسكب الحليب، في حين يتسلل الضوء ناعماً من النوافد. أو حتى نساء ثريات منشغلات بقراءة رسائل سرية من عشاق مجهولين. وأيضاً واجهات بيوت القرن السادس عشر بمدينة ديليفت التي ولد فيها الفنان وقضى كل حياته، كذلك إهتم فيرمير برسم الزوجات اللواتي ينتظرن أخباراً سارة من أزواجهن البحاره البعيدين الذين غابت أخبارهم خلف البحار المفتوحة على الأفق. في لوحات هذا الفنان يتحول الضوء الى لون، فيما يصير اللون ضوءً، وهكذا تتبادل الأدوار بين ضوء مدينة ديليفت، وألوان هذا الفنان الفريد الذي إختلف عن كل معاصرية أمثال ريمبرانت وفرانس هالس ويان ستين، ولم ينشغل فقط بالألوان البنية القاتمة التي إشتهروا بها، بل جعلَ لوحاته حفلة هولندية يتراقص فيها ويتناغم أزرق الكوبالت مع الأصفر، فيما ينسجم الأخضر والأحمر بطريقة لا يفعلها سوى فيرمير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram