TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بعد عشرين عاماً

العمود الثامن: بعد عشرين عاماً

نشر في: 19 مارس, 2023: 11:32 م

 علي حسين

أول كلمة نطقها العراقيون بعد سقوط تمثال صدام في ساحة الفردوس كانت "حرية"، واليوم ونحن ندخل العام العشرين من التغيير الذي قادته الولايات المتحدة، نجد كلمات القانون والحرية والعدالة الاجتماعية مطاردة في كل مدن العراق في تعبير حقيقي لما جرى والذي يمكن تلخيصه بكلمة واحدة "الخديعة" وأن الناس استبدلت نظام صدام بنظام آخر بنفس فايروسات الانتهازية وشهوة السلطة.

سقط تمثال صدام في 9/4 فأنشأت أحزاب الطوائف تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سُجلت بأسمائهم.. لا مفاجأة على الإطلاق في أن يشعر العراقيون بأنهم خُدعوا، سقط تمثال الدكتاتور لكن نظامه وعقليته ما تزال في مكانها، فسلوكيات العديد من سياسيينا ومسؤولينا ليست بعيدة عن نظام دولة المخابرات والمخبرين السرييين.

ونحن ندخل العام العشرين ندرك جيداً أن ما جرى ويجري خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل أثر للتغيير وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيراً بعد سقوط تمثال صدام فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا أن بينهم اليوم أكثر من صدام. ولعل السؤال الذي يجب علينا طرحه ونحن نستذكر ما جرى منذ 2003 هو؛ ما معنى كل التضحيات التي قدمت في الخلاص من نظام دكتاتوري لنجد أنفسنا في النهاية أمام دكتاتوريات متخفية باسم الطائفة والمذهب تمارس أبشع أنواع الترهيب والتخوين لكل من يختلف معها في الرأي؟، ما معنى أن يجد العراقي نفسه أمام وسائل ترهيب جديدة؟.

بعد عشرين عاماً يخرج علينا الحاكم المدني بول بريمر ليذكرنا بأن العراقيين يعيشون أزهى عصورهم، وأن الانتخابات التي تجري كل أربعة أعوام نزيهة. ولم يخبرنا سيادته بأن العراقيين خرجوا يبحثون عن الحرية والإخاء والمساواة.. عن بلاد ظلت تعيش في خواطرهم وأحلامهم فإذا هم بعد عشرين عاماً يستيقظون على بلاد تحكمها ثقافة الجهل والفقر، ولا مكان فيها لأي شيء حقيقي، بل المكان والمكانة لكل مزيّف ومزوّر ومنافق وانتهازي.

لم يخبرنا السيد بريمر في حواره مع صحيفة الشرق الاوسط أنه كان يجهز المسرح لعصر حقيقي لمافيات السرقة والطائفية ، يقوده ساسة حولوا البلاد إلى مزرعة خاصة تذهب خيراتها إلى الاصخاب والاقارب ، بعد عشرين عاماً نتساءل؛ ما قيمة التغيير والحرية والديمقراطية، إذا لم يشعر الناس بأنهم شركاء في هذا البلد؟، وأن حقهم فيه كامل وغير منقوص؟. اليوم ندرك جميعاً أن مشكلتنا الحقيقية مع سياسيي الحواسم الذين أثبتت التجربة في السنوات الماضية أنهم جاءوا لخدمة مصالحهم والكتل التي ينتمون إليها، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وأشاعوا الأجواء بخطب ومناكفات شخصية ومشاحنات هدفها الاستحواذ على كل شيء

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. A li

    قلناها بأن سقوط حكم صدام حسين ستسقط بغداد، والسبب ماحدث من حواسم من قبل أفراد الشعب وهم معروفون للملأ فهم يعيدون الفرهود الذي حدث سابقآ... وكذلك الحكومة الغير شبعانة التي تبقى خيرها شحيح... تحياتي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram