TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: السعادة في بلاد سعيدة

العمود الثامن: السعادة في بلاد سعيدة

نشر في: 23 مارس, 2023: 12:09 ص

 علي حسين

فيما يتابع المواطن العراقي معركة قانون الانتخابات في بلاد الرافدين، كان المواطن اللبناني المغلوب على أمره يتابع تدهور عملته الوطنية، في العراق ولبنان كان السياسيون يصرون على ترسيخ مبدأ الطائفية، والجدل الذي يدور بين أروقة الساسة، ليس حول مال الشعب الذي نُهب، بل حول المناصب والامتيازات.

 

بالأمس خرج المتظاهرون وسط بيروت يحملون لافتة يطالبون فيها المجتمع الدولي بأن يخلصهم من الطبقة الحاكمة الفاسدة، وقبل أعوام خرج شباب تشرين في مدن العراقيين يطالبون بالعدالة الاجتماعية والتنمية فواجهتهم قنابل الحكومة ورصاصها.

نسمع كل يوم حكايات من الشعوب التي لا يحكمها ساسة "متقلبين"، ولكننا نمر عليها على عجل. لأننا مشغولون بحكايات "الفيلسوفة" عالية نصيف التي اكتشفت أن الذين يطالبون بحقوق الشعب يجب أن لا يدخلوا في السياسة!!، ولهذا لا نتوقف عند خبر مثير يقول إن دولة الإمارات العربية لا تزال تحتل الموقع الأول على قائمة الدول العربية الأكثر سعادة، سيقول البعض يارجل لماذا تكتب دائما بإعجاب عن الإمارات وما يجري من تحديث في المملكة العربية السعودية وسنغافورة وماليزيا؟، لأن هناك ياسادة ما يمكن الكتابة عنه؟ تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ تأملوا معي غياب العدل والرفاهية..

بلدان السعادة في هذا العصر الذي تُسرق فيه خزائن الحكومات، هي التي يُدرك مسؤولوها وقادتها أن الانتصار في الحياة، هو بث السعادة في نفوس جميع أبناء البلد، عندما قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الإمارات العربية عام 1971 كان العراق يسمى آنذاك ألمانيا الشرق، وبعد خمسة عقود تحولت الإمارات إلى واحة من الجمال وورشة للعمل والسعادة، فيما لا يزال العراق حائراً في عدد العطل الدينية وتوزيعها بين السنة والشيعة، ونسبة البطالة فيه اقتربت من الأربعين بالمئة .

هناك دول تنهض لتنافس في إسعاد الإنسان، ودول تتحول فيها مؤسسات الدولة إلى أسواق تباع فيها المناصب ، وهناك قادة يؤسسون لبلدانهم تاريخاً من المحبة والعمل والسعادة، وهناك ساسة مهمتهم إشاعة الفرقة بين أبناء الشعب الواحد وإشاعة الخراب.

في كل مرة تبدو لي تجربة دولة الإمارات، جديرة بالتذكير بها، ومع ما يحيط بنا من بؤس وخراب محلي، وضياع للثروات والآمال، نجد بلاداً قريبة منا تنشئ وزارة للسعادة ، ويدخل شعبها ضمن قائمة الشعوب الاكثر سعادة في العالم .

يتشابه البؤس في البلدان التي يحكمها ساسة يسهرون حتى الفجر من اجل مصالحهم لا مصالح الشعب ، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من روزخونية ارتدوا زي الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. وفي اللحظة التي يخرج فيها العالم كل يوم إلى السعادة والعدالة الاجتماعية والمستقبل... يصر "ساستنا" على بناء سواتر تمنع الخير عن الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram