علي حسين
فيما يتابع المواطن العراقي معركة قانون الانتخابات في بلاد الرافدين، كان المواطن اللبناني المغلوب على أمره يتابع تدهور عملته الوطنية، في العراق ولبنان كان السياسيون يصرون على ترسيخ مبدأ الطائفية، والجدل الذي يدور بين أروقة الساسة، ليس حول مال الشعب الذي نُهب، بل حول المناصب والامتيازات.
بالأمس خرج المتظاهرون وسط بيروت يحملون لافتة يطالبون فيها المجتمع الدولي بأن يخلصهم من الطبقة الحاكمة الفاسدة، وقبل أعوام خرج شباب تشرين في مدن العراقيين يطالبون بالعدالة الاجتماعية والتنمية فواجهتهم قنابل الحكومة ورصاصها.
نسمع كل يوم حكايات من الشعوب التي لا يحكمها ساسة "متقلبين"، ولكننا نمر عليها على عجل. لأننا مشغولون بحكايات "الفيلسوفة" عالية نصيف التي اكتشفت أن الذين يطالبون بحقوق الشعب يجب أن لا يدخلوا في السياسة!!، ولهذا لا نتوقف عند خبر مثير يقول إن دولة الإمارات العربية لا تزال تحتل الموقع الأول على قائمة الدول العربية الأكثر سعادة، سيقول البعض يارجل لماذا تكتب دائما بإعجاب عن الإمارات وما يجري من تحديث في المملكة العربية السعودية وسنغافورة وماليزيا؟، لأن هناك ياسادة ما يمكن الكتابة عنه؟ تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ تأملوا معي غياب العدل والرفاهية..
بلدان السعادة في هذا العصر الذي تُسرق فيه خزائن الحكومات، هي التي يُدرك مسؤولوها وقادتها أن الانتصار في الحياة، هو بث السعادة في نفوس جميع أبناء البلد، عندما قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الإمارات العربية عام 1971 كان العراق يسمى آنذاك ألمانيا الشرق، وبعد خمسة عقود تحولت الإمارات إلى واحة من الجمال وورشة للعمل والسعادة، فيما لا يزال العراق حائراً في عدد العطل الدينية وتوزيعها بين السنة والشيعة، ونسبة البطالة فيه اقتربت من الأربعين بالمئة .
هناك دول تنهض لتنافس في إسعاد الإنسان، ودول تتحول فيها مؤسسات الدولة إلى أسواق تباع فيها المناصب ، وهناك قادة يؤسسون لبلدانهم تاريخاً من المحبة والعمل والسعادة، وهناك ساسة مهمتهم إشاعة الفرقة بين أبناء الشعب الواحد وإشاعة الخراب.
في كل مرة تبدو لي تجربة دولة الإمارات، جديرة بالتذكير بها، ومع ما يحيط بنا من بؤس وخراب محلي، وضياع للثروات والآمال، نجد بلاداً قريبة منا تنشئ وزارة للسعادة ، ويدخل شعبها ضمن قائمة الشعوب الاكثر سعادة في العالم .
يتشابه البؤس في البلدان التي يحكمها ساسة يسهرون حتى الفجر من اجل مصالحهم لا مصالح الشعب ، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من روزخونية ارتدوا زي الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. وفي اللحظة التي يخرج فيها العالم كل يوم إلى السعادة والعدالة الاجتماعية والمستقبل... يصر "ساستنا" على بناء سواتر تمنع الخير عن الناس.