TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا يريدون ؟ !

العمود الثامن: ماذا يريدون ؟ !

نشر في: 17 إبريل, 2023: 12:32 ص

 علي حسين

أفضل وأغنى رواية عن السودان، تركها لنا مواطن اسمه الطيب صالح ولد في قرية تسمى " دبة الفقراء" ، وأتعس رواية عن خراب الأمم يتركها لنا كل يوم نواب لا يحملون لأوطانهم سوى الامتيازات والصفقات.. وأعتذر مقدماً عن المقارنة بين عبقرية الإخلاص للوطن، وبين سراق أحلام الناس ومستقبلهم .

لم يحاول الطيب صالح أن يتفلسف وهو يقدم صورة غنية بالتفاصيل لبلاده، ولم يكن مهتما بطرح القضايا المصيرية مثل "العلامة" إبراهيم الجعفري، بل رسم لنا صورة للسودان لا نزال نتمعن بها وكأنها لوحة من لوحات فناني عصر النهضة، لم يتوسل الشهرة في بلاد تقلبت ذات اليمين وذات اليسار حتى استولى عليها "العبد المؤمن" عمر البشير الذي يحاول بعض ساستنا استلهام تجربته "الإيمانية" في جلد الفتيات السافرات.

ثلاثون عاماً من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس المؤمن عمر البشير، عمّ فيها الفشل، وفي واحد من القرارات في السودان بعد الإطاحة بالبشير، كان الاتفاق بين جميع الأطراف السياسية على فصل الدين عن الدولة، فقد جرب السودانيون حكم الدولة الدينية التي كان فيها عمر البشير يقف بنفسه ليردّ على المنظمات الدولية التي اعترضت على جلد فتاة سودانية لأنها ارتدت البنطلون، قال آنذاك ساخراً وهو يحمل عصاه "البعض يتحدث عن الفتاة التي جُلدت على وفق حدود الله والذين يقولون إنهم خجلوا من هذا عليهم أن يغتسلوا ويصلّوا ركعتين ويعودوا للإسلام".

وضع الطيب صالح السودان على خريطة الأدب العالمي، بروايات ساحرة تحاول أن تجمع بين الثقافات، بينما يصر البعض ممن امتهن السياسة بغفلة من الزمن في العراق، أن يضعوا بلدهم على خارطة النسيان.

نتذكرالطيب صاح وتلك الروائع من الأعمال التي زيّن بها الأدب العربي والتي تذكرنا دوماً بأن السودان يستحق منا وقفة تضامن أوسع وأعمق وهو يتعرض إلى محنة الحرب الأهلية ، وارادات جماعات تريد ان تتحكم بمصائر الملايين ، في الوقت الذي يطالب فيه الشعب بدستور مدني يؤمن للجميع العيش بكرامة وحرية . واتمنى عليك عزيزي القارئ ان لا تستفزك كلمة دستور، لاننا في هذه البلاد صوتنا على دستور وضعه روزخونية من عينة همام حمودي ومحمود المشهداني، وكانت النتيجة أن المواطن الذي خرج مبتهجاً بالدستور، لا يزال يسأل ما الذي حصل عليه، بعد أن أعطى الضوء الأخضر لدولة يديرها دراويش يتمسحون بالدين، لكنهم شطار في سرقة الأخضر واليابس؟. لم يحصل العراقي سوى على الخراب والفشل والفقر.

الناس تعرف جيدا أن المسؤول الفاشل يريد ان يستحوذ على كل شيء ، ونراه يستبدل ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو"الصراع على السلطة ومنافعها" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram