علي حسين
الكثيرون بالتأكيد كانوا ولايزالون مغرمين بكتب من نوعيّة "كيف تصبح مليونيراً ؟ "، ورغم قراءتي للكتاب، إلا أنني ما أزال أنتمي الى طائفة الذين ينتظرون هلال الراتب كل نهاية شهر. يضع أهل المال أحياناً كتباً عن تجربتهم المهنية.
ويقدمون لنا ما يعتقدون أنها أفضل النماذج لتعليم الناس كيف يعيشون حياتهم بجدّ واجتهاد، وقبل سنوات كنت حدثتكم عن السيد بيل غيتس، وهو يروي في سيرته الذاتية كيف واجه تضخم ثروته، عندما قال لزوجته ذات يوم لابدّ من عمل يخلّصنا من عبء هذه الثروة، فقّرر تخصيص جزء كبير من ثروته لمساعدة المحتاجين حول العالم، لا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات .
ستقولون، عدت ثانية للتنظير وحديث الكتب، ونحن نعيش مرحلة معركة المصير بين حيدر الملا ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فقد استثكر الملا على المسكين الحلبوسي ان يشتري طائرة خاصة، ويبني قصراً يذكّر الناس بتاج محل، وسخر الحلبوسي من ليالي الانس التي يقيمها حيدر الملا في عمان ، فيما المواطن العراقي لا يزال يسخر من الاخبار كلما سمع ان الدولار هبط في بورصة الكفاح . ماذا أفعل ياسادة وأنا أقرأ تقريراً يحدد عدد السنوات التي يمكن أن تجمع بها مليون دولار؟، لأكتشف أن المواطن العراقي الذي يتقاضى راتباً مثل جنابي يحتاج إلى أكثر من 154 عاماً من العمل المتواصل، وعدم الإنفاق، ليجمع المليون الأول. ويبدو أن أصحاب التقرير لم يتعرفوا على نور زهير وأشقاءه الذين أصبحوا مليارديرية وجمعوا آلاف الملايين من الدولارات في زمن قياسي لم يتجاوز العام الواحد. ولم يقراوا في الاخبار ان " المناضل " أيهم السامرائي هرب ومعه مليار دولار عدا ونقدا من اموال الكهرباء ، وان " التقي " فلاح السوداني ينعم في بريطانيا باموال الحصة التموينية .
ولكن شتان ما بيننا وبين تجارب الشعوب ، بين ثروات بيل غيتس وجماعته الذين يهبونها لفقراء العالم وبين ثروات أغنيائنا الذين ينمون بها اقتصاد دول الجوار من خلال حسابات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم. ثروات أغنيائنا فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وتوازن طائفي.. فنحن برد علمت الناس القراءة والكتابة وأيضا كيف ينهب مال الدولة في سبعة أيام وفي وضح النهار، وفوق هذا كله فان مسؤولينا قادرون على أن يدخلوا أيديهم في جيوب الناس ويأخذوا مابها. نحن نعيش زمن مليارديرات المال العام ، ثروات لمسؤولين استغلوا وظائفهم لمنافعهم الشخصية ؟! للاسف فات اصحاب القرير ان يدركوا ان اسهل مهنة في العراق ان تصبح مليونيرا بعد ان تجلس على كرسي البرلمان اربع سنوات لاغيرها .