TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من يقرأ الجعفري؟

العمود الثامن: من يقرأ الجعفري؟

نشر في: 2 مايو, 2023: 10:30 م

 علي حسين

منذ صدور مذكرات الحاج إبراهيم الجعفري " تجربتي في الحكم" والذي أطلق على نفسه فيها لقب "النجاشي" تشبها بملك الحبشة، وهو "ملك لا يظلم عنده أحد"، في الوقت الذي اجتاحت العراق أخطر موجة عنف طائفي أيام تولي صاحب المذكرات رئاسة الوزراء،

والناس تسأل؛ ترى ماذا لو كتب باقي الساسة والمسؤولين مذكراتهم؟ ولأنني مغرم بمتابعة أحوال السياسيين فقد تلقيت بفرح غامر الخبر الذي أعلنه رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني والذي بشرنا فيه بأنه قرر أخيراً إصدار ديوان شعري بعنوان "نواميس الشجن"، ولا تسألني أي شجن يعاني منه المشهداني الذي أعلن ذات يوم أنه جاء لإصلاح حال هذا الشعب "الدايح"، ولهذا سأطرح سؤالا: ترى ماذا لو قرر السيد نوري المالكي أن يكتب عن سنواته الثمانية التي قضاها وهو يتربع على رأس أعلى سلطة تنفيذية؟ ما حجم مسافة التقدم التي قطعتها البلاد في سنوات حكمه؟ ما هي نسب النمو والتطوّر والتقدم ومستويات الدخل؟ والأهم ما مقدار الاستقرار الذي تحقق؟.

تمنيت أن يقرأ جميع الساسة العراقيين مذكرات اثنين ممن صنعوا تاريخ بلادهم، ونستون تشرشل وشارل ديغول فسوف يتبين لهم بوضوح معنى الحكم، فقد كان لدى الرجلين الفهم الحقيقي لمعنى الحكم والشعور الوطني، والهم لإنجاز عمل تاريخي. ديغول فرنسا يكتب من مكتبه متأملاً الآفاق الواسعة لمنطقته اللورين، فيما تشرشل الضخم يعيد كتابة التاريخ من وسط سريره المحاط بالوسائد وطيوره المفضلة من فصيلة الببغاء وقطته وكلبه الوفي، ليسطر هذه الكلمات: "المتعصب هو شخص لا يريد أن يغير رأيه ولا يريد أن يغير الموضوع، أما الوفاقي فهو شخص يغذي تمساحاً آملاً أن يكون آخر من يأكله"، وللرجلين منذ ولادتهما موهبة التأليف ولم يشك أي منهما بالمصير الذي آل إليه، لقد تميز تشرشل بأسلوب ماهر في العبور من سجل إلى آخر.

قبل أكثر من ثمانية وأربعين عاما نفى ديغول نفسه إلى قرية في الجنوب كي يكون بعيداً عن مجرى الأحداث، بعد أن خرج الطلبة يتظاهرون ضده وهم يحملون لافتات كتب عليها: "ديغول إرحل.. عشر سنوات تكفي لكي تتقاعد"، الرجل الذي أنقذ فرنسا من سطوة هتلر، ووضعها في مصاف الدول العظمى، لم يجد غير جملة واحدة قالها لمساعديه "سأرحل، لا شيء أهم من فرنسا مستقرة".

تُكتب المذكرات عادة من أجل البوح بالحقيقة، وقد وضع كبير فلاسفة فرنسا جان جاك روسو مذكراته تحت عنوان "اعترافات" فيما أصر كبير مفكري العراق باقر جبر الزبيدي على أن يسير على خطى الجعفري فيضع عنوان "تجربتي" لمذكراته.. تاركاً لنا أن نتذكر؛ ماذا كانت هذه التجربة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram