TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الطريق الى تونس

العمود الثامن: الطريق الى تونس

نشر في: 6 مايو, 2023: 09:40 م

 علي حسين

بالنسبة إلى مواطن عراقي يجد متعته بالمكوث في مدينته بغداد، فان السفر يُعد مغامرة كبيرة، وأيضا تهمة ستلاحقه لأنه لبى دعوة ثقافية لحضور معرض للكتاب، فكيف يتسنى لكاتب صدع رؤوس القراء بالحديث عن فساد الساسة، ويتربص صباح كل يوم تحركات المسؤولين، أن يسافر على نفقة الحكومة التي يهاجمها؟. للأسف لا يزال الكثيرون يعتقدون أن أموال العراق هي أموال الحكومات، فأنت لكي تحظى باهتمام الدولة عليك أن تمتدح المسؤول، وإن كنت تريد المشاركة بفعالية ثقافية فالمطلوب منك أن تتوقف عن مهاجمة المسؤول الفاشل.

عندما قررت الذهاب إلى تونس، كانت الرغبة الأولى الحصول على المطبوعات التونسية، وكنت أبحث عنها في أروقة المعرض وفي المكتبات الرئيسية، والرغبة الأخرى التعرف على هذه البلاد التي شهدت أحداثاً كثيرة منذ أن تفجر الربيع العربي عام 2011، في ذلك الوقت كتبت مقالاً قلت فيه: هل سيُخدع التونسيون مثلما خُدعنا، وهل ستنتهي تضحياتهم بمثل ما انتهت إليه تضحيات إخوة لهم في العراق لا يستطيعون القيام بمظاهرة أو احتجاج إلا بموافقة السلطات الرسمية؟، وهل سيضع أولو الأمر قانوناً للأخلاق العامة مثلما يصر رجال دولتنا على تشريعه لنا؟، وكنت أخشى على أشقائنا في تونس من شعارات تنادي بدولة القانون، لأنها شعارات براقة سرعان ما يلتف الساسة حولها فيفرغونها من مضامينها الحقيقية، فينتشر الفساد المالي والإداري وتكشر المحاصصة عن أنيابها لتتقاسم الأموال والمنافع لتحرم الشعب منها. فما مر بتونس مر بالعراق من قبل حيث بادرت النخب السياسية عندنا قبل الانتخابات بخطابات عن تعزيز الخطاب الوطني والسعي لإشاعة مفهوم الدولة المدنية وروح المواطنة لدى العراقيين. فما الذي حدث بعد ذلك؟ قرر أشاوسة السياسة نسف اللعبة الديمقراطية بأكملها والانقلاب على هذه الخطة، والعودة بالبلاد إلى زمن القرون الوسطى .. خلال السنوات التي سيطرت فيها احزاب المصالح على السلطة دفع الشعب التونسي ضريبة شعارات حزب هذه الاحزاب ، وأراد البعض لها أن تتحول إلى حلبة للصراع راح ضحيتها شخصية مناضلة بحجم شكري بلعيد.. ليجد الشعب التونسي نفسه مثلما العراقي أمام ساسة لا يجيدون غير لعبة "غزو المناصب" وبيع الوهم للناس، من خلال المتاجرة بالدين للوصول إلى كرسي الحكم..بعد سنتين من سيطرة حركة النهضة اكتشف المواطن التونسي أن مسؤوليه وساسته فاشلون بامتياز يريدون أن يبيعوا الكذب على أنه منجزات، مستغلين حاجة الناس إلى الأمن والخبز والاستقرار، أراد البعض لتونس أن ترجع إلى الخلف، بعد أن كان الزعيم بورقيبة اراد لها أن تمضي إلى الأمام، فاحفاد أبي القاسم الشابي يستحقون دولة مستنيرة ، يعرف فيها المواطن قيمة الحرية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram