TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الدم الرخيص

العمود الثامن: الدم الرخيص

نشر في: 7 مايو, 2023: 10:30 م

 علي حسين

( شنو المشكلة إذا الدخانية وكعت براس واحد وقتله عادي تصير بكل مكان) .. هذه المقولة أطلقها السيد "الجنرال" السابق عبد الكريم خلف وهو يسخر من تضحيات شباب تشرين ويعلن بكل أريحية أن تظاهرات تشرين "كذبة"، ولم يكتف بذلك بل أعلن أن استهداف المتظاهرين بالقنابل "أمر طبيعي" ولا يستلزم إجراء تحقيق.

كنت أظن أن السيد عبد الكريم خلف سيختفي من المشهد، ويجلس في البيت يشاهد التلفزيون ويتذكر أيام ما كان يدور على الفضائيات يشتم حكومة حيدر العبادي ويطالب بالعصيان المدني ودخول المنطقة الخضراء و"سحل" السياسيين جميعاً.. تلك التغريدات التي كان يكتبها أيام تقاعده، فنجده يقبض الملايين من خزينة الدولة وفي الوقت نفسه يحرض على العنف.. لكن الرجل مصر على أن يقدم مشاهد كوميدية من عينة أن الدخانيات التي قتلت المتظاهرين ربما أطلقتها جهات من داخل ساحة التحرير .

سيقول قارئ عزيز؛ وما الجديد؟، ألم يخبرنا السيد عبد الكريم خلف بشحمه ولحمه أن المتظاهرين يملكون قذائف وأسلحة ثقيلة؟. الجديد ياسادة هو التوقيت الذي تقرر فيه بعض الفضائيات إعادة استعراضات عبد الكريم خلف التي مللنا منها.

قبل أن يتولى السيد عبد الكريم حلف مسؤولية الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة في حكومة السيد عادل عبد المهدي، كان يجلس في الاستوديو يقدم تحليله الستراتيجي عن أوضاع العراق، ويطالب الشعب بالانتفاض في وجه السياسيين، بعدها يعود إلى البيت لـ "يغرد" طالباً منا نحن المواطنين أن نخرج إلى الشوارع لإزاحة الفاسدين وأن نقوم بانتفاضة كبرى داخل المنطقة الخضراء، ونجده يحذر بتاريخ 14 تموز عام 2018 من أن التظاهرات "لن تنتهي حتى يتم طرد جميع الفاسدين"، ولأن نص الفيلم الذي يعرضه علينا السيد عبد الكريم خلف هذه الايام تّغير لصالح الحكومة، فإن ما سيخرج من تصريحات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الأكاذيب، وهكذا، دوائر وحلقات لا تنتهي من الخطب والبيانات واللقطات، الكاذب منها والمزيف. وطالما يعتقد "الجنرال" بأن العراقيين أسرى لدى الحكومة ومن حقها في أية لحظة أن تصول عليهم صولة رجل واحد، وبدلاً من أن يعتذر الناطق السابق عن الأحداث المؤلمة التي جرت في احتجاجات تشرين، أخبرنا وهو يبتسم: اطمئنوا لا شيء حدث، فقط القتلى واحد.. فلماذا تشغلون أنفسكم.. إنه قتيل واحد، ياجماعة!!

هكذا تحول موضوع خطير ومصيري في حياة العراقيين، وأعني به قتل المتظاهرين إلى مجرد مهرجان غير منظم لتصريحات تفتقر إلى العقلانية والموضوعية. لا أتصور أن أي عاقل يمكن أن يقرأ تصريحات عبد الكريم خلف التي يطلقها هذه الايام دون أن يضرب كفاً بكف على هذه القدرة العجيبة على خداع الذات قبل الآخرين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram