TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كم ساركوزي عراقي؟

العمود الثامن: كم ساركوزي عراقي؟

نشر في: 17 مايو, 2023: 10:56 م

 علي حسين

انشغلت صحف فرنسا امس بخبر الحكم على الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي بالسجن ثلاث سنوات ، بتهمة استغلال النفوذ، وقبل عشرة اعوام تم الحكم على الرئيس جاك شيراك بالسجن لمدة عامين ، ولم تكتف المحكمة بالسجن ، بل انها اصدرت قرارا بحرمان ساركوزي من حقوقه المدنية، مما يجعله غير مؤهل لأي انتخابات.

استغلال النفوذ تهمة مضحكة في بلاد الرافدين ، فماذا تعني ان يستغل المسؤول وظيفته ، ويستثمر النائب مكانته في صفقات وعمولات . في بلاد الرافدين نسمع عن الاستغلال في كل مفاصل الدولة،مثلما نسمع الاغاني ونعرف جيدا أن " حيتان " ما بعد 2003 لم يتركوا مجالاً دون أن يستغلوا نفوذهم فيه، هم وأقاربهم وأحبابهم؟ ، بل ذهب الخيال بالمؤسسة الديمقراطية العراقية ان وضعت النائب مثنى السامرائي رئيسا للجنة النزاهة البرلمانية ! هل هناك كوميديا اكثر من هذه ؟

منذ أن قرر " المناضل " احمد الجبوري الملقب بابو مازن فتح بورصة المناصب داخل قبة البرلمان ، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به أصناف الوظائف ، المطلوب فقط الدفع بالدولار ثم تجلس على كرسي الوظيفة

هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى مزايدات لتكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع التخلف والمحسوبية

وأتمنى وأنت تتابع معي ما يجري في بلاد الرافدين ، ان تعرف ان الصحافة في فرنسا اعتبرت الحكم على ساركوزي لحظة فارقة في تاريخ العدالة.

والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة الفرق بين ديمقراطيتنا "العظيمة" وديمقراطية فرنسا العرجاء؟.. هل تريد أن تعرف الفرق بين ساركوزي ومسؤولينا الأشاوس ، اذا عليك ان تحفظ هذه العبارة جيدا : المنع من ممارسة العمل السياسي.. فانت وانا نعيش في ظل عملية ديمقراطية سمحت لمن نهب وسرق وقتل على الهوية ان يظل صاحب الصوت الاعلى !.. اما في باريس فقد تصدرت صورة ساركوزي رهن الاعتقال الصفحات الأولى.. فالخطأ هناك لا حماية له،.. كما أن القانون ليس رجلا، ولا مزاجاً شخصياً.

في الديمقراطيات الحقيقية يتجاوز الاعلام حدود المحرمات السياسية، وعندما يخطا السياسي او المسؤول تصبح كل افعاله تحت رحمة الصحف والفضائيات. وقبيل خروج ساركوزي من قصر الإليزيه وبعده صدرت عشرات المقالات والكتب عن قضاياه الشخصية. وقبله بدأت الصحافة تدخل إلى أسرار جاك شيراك لكي تنبش فيها. ودمرت الصحافة الفرنسية مستقبل الرئيس جيسكار ديستان السياسي.. فيما نحن لا نزال نصر ان نغلق ابواب الحقيقة امام الناس ونطارد الصفي إذا تجرأ وكشف المستور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram