علي حسين
أين اختفى عبعوب؟.. كانت هذه أول عبارة وردت إلى ذهني وأنا أحط قدمي في مطار دبي.. أين ذهب كبير الساخرين الذي قال ذات يوم إن دبي مدينة من زرق ورق وإنه سيجعل بغداد تتفوق عليها، ولم يكن الرجل يدرك أن الإمبريالية العالمية تتآمر على سيادته فوضعت له صخرة سيزيف في المجاري لكي تعطل مسيرته العملاقة.. يقال إن السيد عبعوب يقضي فترة استجمام في ولاية فلوريدا الأميركية، الحاج عبعوب الذي صدع رؤوسنا بزرق ورق دبي، يلتقط السيلفي في مدن الغرب.
في مرات كثيرة يعاتبني بعض القرّاء لأنني أكتب بإعجاب عن مدن مثل دبي وسنغافورة وطوكيو، وأقول: تأملوا حياتنا، عن ماذا نكتب؟ تأملوا معي السذاجة السياسية وغياب العدل والقانون، ورائحة الكذب التي تخرج من أفواه المسؤولين، عن ماذا نكتب؟ عن النجاح الاقتصادي الكبير الذي حققته جماعة "حكومة الأغلبية"! عن الدولة التي سرق فيها تريليون دولار بوضح النهار؟!
في الجنوب من البصرة تستقرّ مدن مثل دبي وأبوظبي والدوحة والرياض تسابق العالم في التنمية والإعمار والازدهار، واسمحوا لي أن أنقل لكم هذا الخبر، مجلة تايم الأمريكية تضع مطار دبي كواحد من أفضل عشرة مطارات في العالم. وبالتأكيد السيد نعيم عبعوب حط الرحال ذات يوم بمطار دبي، وأن المطار ربما أوحى له بنظرية "الزرق ورق".
هناك طريقان للمستقبل: طريق اليابان وسنغافورة ودبي، حيث تتحول المدن التي دمرت في الحروب أو التي كانت مجرد جزيرة صغيرة أو ميناء منعزل، إلى مركز للعالم يأتي إليها ويمرّ بها ملايين الزوار، وليس فيها نهر ولا جبل، ولا فيها دجلة أو الجنائن المعلقة وأور.
كان الزعيم السنغافوري الراحل لي كوان يقول إن الصراحة وكشف الحقائق أمام الناس هي التي تبني سنغافورة قوية.. يحزننا ياسيدي السنغافوري العظيم أن نقول إن الحقيقة لدينا هي مجرد بيانات كاذبة، ننشرها بين البسطاء ليل نهار، نحن ياسيدي نعيش في ظل ساسة يفعلون أي شيء من أجل الفوز بقطعة من "كعكة" هذه البلاد.. ورحم الله الملا عبود الذي قال ذات يوم ساخراً:
حطوا علينا نوبجي " فنجان" ما يفهم حجي
أحمق ملعب سختجي أمعفص امقعمر قمعري.
بناءً عليه ندعو الله أن يكون السيد نعيم عبعوب صادقاً في نظريته، وأن تثبت الأيام أنّ أهالي بغداد خسروا عبقريا بحجمه، وأنّ دبي مجرد زرق ورق، وأن الإمبريالية سهرت الليالي من أجل النيل من المنجزات التي تحققت في بغداد منذ اكتشاف الصخرة وحتى ظهور نظرية الزرق ورق.