TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حضرة المستشار

العمود الثامن: حضرة المستشار

نشر في: 4 يونيو, 2023: 11:08 م

 علي حسين

أعرف جيداً أنّ الكتابة عن شؤون إدارة البلاد، ربما ليست من شأن صحافي "ضعيف" مثل جنابي، لكنّي في كل حكومة أعيش في حالة من التمني في زمن يرى فيه البعض من "جهابذة البرلمان" أنّ إرضاء المواطن عيب وجريمة .

اليوم نعرف جميعاً أنّ الخراب لا يحدث إلا في ظل مسؤول لا يسمع سوى صدى صوت المقربين منه، ولا يعود هناك متسع لمستشارين يقدمون النصيحة، بل أصوات حاشية تتنقل من مسؤول إلى آخر .

في كل دول العالم يسبق المسؤول، مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من "الحزب والعشيرة" وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء. ويعتقد أن التفويض الذي منحته له الناس في صناديق الاقتراع، يسمح له بأن يتجاهل معايير الكفاءة، وأن يكون الانتماء الحزبي وحده هو معيار اختيار رجال الدولة، فنجده يختار المنتمي لحزبه أولاً، ثم المنتمي لعشيرته، ثم المنتمي إلى الأحزاب المؤيدة له.

ولهذا عزيزي القارئ إذا أردت أن تعرف كيف تدار الدولة العراقية، فإن أسماء المستشارين، ومعهم الحاشية ستدلك على أبعاد المحسوبية التي تتم فيها إدارة مؤسسات الدولة. منذ أيام وأنا أسمع تصريحات لمستشارين عن الدولار وأن الفرج قريب وإن طال، "فبالعجلة الندامة".

نقرأ الكثير عن مستشاري الرؤساء، فقد كان الرئيس ديغول محاطاً بالكاتبين أندريه مالرو وفرنسوا مورياك. وفيما عيّن ميتران الفيلسوف ريجيس دوبريه مستشاراً له.. وصنعت سنغافورة نهضتها العظيمة أولاً من خبرة رجال أكفاء اختارهم لي كوان بعناية، وثانياً من النزاهة. والفارق كبير بين الذين يضعون مصلحة الدولة والناس أولاً والذين يريدون إرضاء الأحزاب السياسية.

إن الاحزاب التي تصرخ في الفضائيات وتلطم ضد المحاصصة والطائفية، تُصر على أن لا حكومة من دون تقاسم الحصص. اليوم يدرك العراقيون جيداً أنّ المستقبل يمكن أن يَئِدَ الماضي، ولكن بشروط أولها أن نتذكر ما حصل خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، وأن يدرك السادة "الكبار" أن الفساد لا يزال متغلغلاً في مؤسسات الدولة وأن مفهوم المسؤولية يجب أن لا يبقى حبيس أسماء ساهمت وروجت للخراب ومارست الدجل والانتهازية.. وكانت النتيجة دولة تتحسر على الكهرباء وتفتقر لأبسط الخدمات.

ظاهرة العدد الكبير من المستشارين في أجهزة الدولة، تمثل للأسف عملية التفاف على إرادة الشعب. وإجمالا فإننا نعيش مأزقاً شديد الخطورة، لأن أحداً منذ البداية لم يستمع لأصوات خبيرة ومحترمة نادت بأن تتم تهيئة التربة المناسبة للحكم وتنظيفها، غير أن الذين تشاطروا على الجميع وأصروا على نظام المحاصصة أرادوها تكالباً على حجز المقاعد سعياً وراء المنافع والامتيازات والمقاولات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram