علي حسين
"عندنا بقيت الأحزاب مغلقة وذات قيادات تجدد لنفسها وغير ديمقراطية داخلها بينما تقول إنها تريد بناء ديمقراطية البلاد. لهذا كان انفصالها عن الجمهور هو الأمر الطبيعي، وهذا ما حصل لدينا. وهذا انعكس كأحد الأسباب لتظاهرات تشرين"..
هذه فقرة من حوار أجرته مجلة حوار الفكر مع السيد عادل عبد المهدي بتاريخ الرابع من كانون الأول عام 2020، وكما ترى عزيزي القارئ فإن رئيس الوزراء الأسبق يؤكد أن تظاهرات تشرين التي اندلعت عام 2019 يعود سببها إلى غياب الديمقراطية الحقيقية، وقبلها بأشهر خرج علينا السيد عبد المهدي نفسه ليقول بالحرف الواحد: "إن طريقة التعامل القاسية التي شاهدناها عبر مشاهد واضحة من رمي رصاص كثيف ضد المتظاهرين هي أمور مستنكرة ومستهجنة ويجب التحقيق فيها بدقة".
فما الذي تغير حتى يخرج السيد عادل عبد المهدي قبل أيام ليخبرنا بأن تظاهرات تشرين كانت "مؤامرة" ورغبة أميركية لإضعاف العراق؟.
يفقد البعض في لحظات النشوة الخطابية الصلة بالواقع، ونراه يحاول جاهداً أن يمنع الناس عن السمع والنظر.. ويصر على أن يطبق على مستمعيه طريقة تفكيره.. إن حديث السيد عادل عبد المهدي عن المؤامرة الأمريكية يعني بشكل واضح أن الذين خرجوا للتظاهر في معظم مدن العراق متهمون بالعمالة وأن الضحايا الذين سقطوا في ساحات الاحتجاج كانوا ينفذون مخططاً أمريكياً، وهو حديث للأسف يفضح كل ما كان مخفياً من شعارات عن الديمقراطية وحق المواطن العراقي بالخدمات ومحاربة الفساد ، وأيضا يفضح بالصوت والصورة السيد عادل عبد المهدي عندما كان يلتقط الصور مبتسماً مع جورج بوش أو أثناء تناول وجبات الغداء مع الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر، أو خلال جلسات السمر مع رامسفيلد لتقرير مصير العراق.
والغريب أن السيد عادل عبد المهدي، يريد أن يختطف القضية بعيداً عن جوهرها الحقيقي، ويعيد تسويقها للناس على أنها معركة بين العراق والإمبريالية الأمريكية، وكأن الأمريكان هم من جاؤوا بصفاء السراي ورفاقه وأجلسوهم على كراسي مجلس الحكم.
أين هي الديمقراطية التي ينظر لها السيد عادل عبد المهدي؟، أية ديمقراطية في اتهام شباب بالعمالة لأنهم طالبوا بمحاسبة سراق ثروات البلد؟، أية ديمقراطية في تصدير وهم أن العالم يتآمر على التجربة السياسية في العراق؟، أية ديمقراطية هذه التي يريد بها البعض أن يمارس من خلالها وصاية على عقول الشعب تجعل الخروج بتظاهرة تندد بالخراب والبؤس معناه التآمر على العراق والعراقيين؟.
بالأمس تم اعتقال رئيسة الوزراء الأسكوتلندية السابقة نيكولا ستيرجون على خلفية اتهامها بتبديد تبرعات بقيمة 700 ألف دولار.. في بلاد الرافدين مثل هذه التهمة مضحكة فقد تم الإفراج عن نور زهير بعد أن سرق ما يقارب الثلاثة مليارات دولار . هذه هي الديمقراطية!!.