علي حسين
في مثل هذه الأيام، وقبل 57 عاماً، أعلنت إمارة أبو ظبي، تولي الشيخ زايد بن سلطان مقاليد الحكم . عندما جلس الرجل البالغ آنذاك ثمانية وأربعين عاماً على كرسي الإمارة، كانت أول الكلمات التي اتخذها منهجاً لحكمه هي "لا قيمة للمال إذا لم يسخر لخدمة الشعب"
وكان يرى أن "الحاكم الذي يوضع في السلطة ليحمي مصالح الشعب، سيكون دون قيمة إذا عاش لنفسه، وسخر ثروات البلاد لمصالحه الذاتية"، بهذه العبارة بدأت نهضة دولة الإمارات، لتصبح بعد عقود قصيرة واحدة من أنجح اقتصاديات العالم، المواطن فيها يحصل على دخل سنوي متميز. كان الهدف الذي عاش الراحل لأجله: تحقيق حياة أفضل للمواطنين والإسراع بمعدلات النمو عاماً بعد آخر.. في سنوات حكمه الأولى شعر الشيخ زايد أن إيصال الثروة والرفاهية للمواطنين قد يستغرق زمناً طويلاً، فكان أن قرر منح كل مواطن راتباً ، وعندما لاحظ إحجام بعض العوائل عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، اعلن عن منحة مالية لكل طالب وطالبة يذهبون بانتظام إلى المدرسة، لتصبح الإمارات بعد سنوات من رحيل مؤسسها على قائمة الدول الأولى في جودة التعليم إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وفلندا.
على مدى سنوات حكمه التي تجاوزت الثلاثة عقود ورغم النهضة الكبيرة التي شهدتها الإمارات، ظل لشيخ زايد يردد : "ما زلنا في بداية الطريق"، فقد كان يؤمن أن ما حدث في الإمارات هو بداية الطريق لانطلاقات أكبر وانجح .
تخلصت الإمارات من مقرات الاحزاب الزائفة وشعاراتها الرنانة ، لتنشئ بدلاً منها الشركات والجامعات ومتاحف الفنون والمكتبات ، تتحول الصحراء إلى مدن بشوارع تشع سعادة وأحلام متواصلة تُصبح بفضل حكمة الشيخ إلى حقائق.
عندما قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الإمارات العربية عام 1971 كان العراق آنذاك ، يقدم خبراته إلى الجميع، وعقوله تسعى لتعمير البلدان، وبعد خمسة عقود تحولت الإمارات إلى ورشة للعمل، فيما لا يزال العراق حائراً في عدد الأحزاب وتوزيع مقاعد برلمانه" العتيد " بين الطوائف.
57 عاما اثبتت للعالم أن هناك طريقين للحكم : طريق تعيش فيه البلاد في ظل نظام طبيعي عادي ليس فيه شعارات وحروب، وطريق تتبدد فيه الثروات مثلما تتبدد فيه مصائر الناس ، وقد اختارالشيخ زايد للامارات العيش في نظام يحترم الحياة .
الذين يقلبون صفحات سيرة الشيخ زايد ، سيدركون قضية جوهرية خلاصتها : لكي تبقى ذكراك ساطعة في نفوس أبناء بلدك، عليك أن تحررهم من العوز والخوف من المجهول . وان يحجز المواطن مكانا له في مستقبل البلاد .