TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من ينتصر لعلي الوردي؟

العمود الثامن: من ينتصر لعلي الوردي؟

نشر في: 27 أغسطس, 2023: 11:20 م

 علي حسين

في العام الماضي احتفلت بلدان أوروبا بمرور مئة عام على صدور رواية "يوليسيس" للكاتب الأيرلندي جيمس جويس، ونقلت لنا وسائل الإعلام كيف خرج الآلاف ليحتفلون بذكرى كاتبهم المفضل، وفي بريطانيا لم تتردد الحكومة في أن تضع صورة الكاتبة جين أوستن بدلاً من تشرشل على عملاتها النقدية،

 

فيما تصر روسيا على أن تعامل تراث تولستوي ودستويفسكي وغوغول وبوشكين على أنه الجزء الأهم من تاريخ البلاد.. فيما يعتقد معظم ساسة كولومبيا حكومة وفصائل مسلحة، أن بلادهم لا مكان لها في خارطة العالم من دون ماركيز.

بالأمس شاهدت فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث فيه ابنة العلامة الراحل علي الوردي بأسى وهي تقدم التماساً إلى رئيس الوزراء ووزير الداخلية وللمسؤولين تتتمنى فيه أن ينصروا علي الوردي الذي أصر أحد "الشقاوات" على أن يستولي على بيته في مدينة الكاظمية. لا أريد أن أذكر اسم الشخص فقد تحدثت عنه ابنة الوردي بإسهاب، لكن الغريب أن السيدة صاحبة الشكوى بعد أن عجزت ، التجأت إلى رئيس عشيرة الشخص الذي استولى على البيت، وبدلاً من أن ينصرها احتراماً لشخصية علي الوردي، إلا انه قرر وبكل شجاعة أن يستولي هو على البيت إذا خرج المؤجر منه .. بماذا يذكرك هذا المشهد العشائري؟، بالتأكيد بما يحصل في جمهورية العراق العشائرية والتي كان آخر أخبارها، إغلاق عيادة أحد الأطباء في مدينة العمارة، بسبب تهديدات من عشيرة ذوي أحد المرضى المتوفين، تحت شعار "فصل عشائري".

ابنة علي الوردي لا تريد أن تسكن في البيت وإنما تسعى مع عائلتها إلى تحويل بيت والدها إلى متحف، بعد أن تنكرت الجهات الرسمية لصاحب مهزلة العقل البشري.

كان علي الوردي يصر دائماً على أن يكون صحيحاً، وأن يقول صحيحاً، وأن يكتب صحيحاً، وأن يكون صورة لمثقف الشعب ومرآة العقل والإرادة يدافع عن المبادئ النقية ويظل نقياً يقاتل في معركة الحرية من دون أن يكترث للربح والخسارة.

ينظر علي الوردي اليوم إلى بغداد فيرى شوارع لم يألفها، ويرى نفسه غريباً ومغترباً وهو يشاهد شارعه الأثير "الرشيد" تحول إلى خرائب، لأن هناك من يريد اجتثاثه، وأن بغداد التي كانت تزهو بلوحات فائق حسن وموسيقى سلمان شكر وخطوات جواد علي وحوارات عبد الرزاق الحسني، وإطلالة جلال الحنفي، وثورة نازك الملائكة، يسيطر عليها اشباه نور زهير.

ان تحويل بيت على الوردي الى متحف اصبح ضرورة وطنية ، فيما تظل مهمة تقديم كتبه للاجيال مسؤولية المؤسسات الثقافية ، لنقول للاجيال هذا هو تاريخكم الفكري والثقافي .بدلا من ان نرسخ فيهم مفاهيم العشائر التي تريد استبدال القانون بـ "نظرية الكوامة" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram