TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: المفاخرة بالفشل!

العمود الثامن: المفاخرة بالفشل!

نشر في: 28 أغسطس, 2023: 09:00 م

 علي حسين

قال لي أحد الزملاء؛ لماذا أنت متشائم ونحن على أبواب انتخابات لمجالس المحافظات ربما تحل لهذا الشعب التغيير الذي نادى به شهداء تشرين؟ قلت له؛ أنا "متشائل" على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألّا أحترس بكلامي، وأنا أوجه خطابي للعديد من الساسة الذين يعتبرون الاقتراب من قلاعهم جريمة ومؤامرة على العراق .

منذ سنوات وبالتحديد منذ عام 2003 والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والانتخابات النزيهة والوجوه التي ستملأ البرلمان خيراً، والمقاعد التي ستبتعد عن الطائفية، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات والمهرجانات الخطابية، لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال ثمانية عشر عاماً عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير وإصلاح، بل إنقاذ العراق، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله السادة المسؤولون الأفاضل، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّ البعض منهم سيخلع "معطف" الطائفية، ويرتدي ثوب رجل الدولة، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.

شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على أحزابنا التي تخوض معركة كسر العظم من أجل الامتيازات أن تخبرنا ماذا ستختار: السعي إلى المستقبل أو الإصرار على التبرّك بالماضي، نظام سياسي يعتمد على الكفاءة والنزاهة أم نظام يصفّق للمحسوبية والانتهازية؟

هذه الأسئلة وغيرها تشغل بال معظم العراقيين، وهي تطرح في كل حوار بين اثنين من العراقيين. للأسف الجميع ينسى أنّ صناعة الفشل لا تقلّ خطراً على العراق من صناعة الإرهاب، الثانية تضرب في الدولة على أمل إسقاطها بالقاضية، لكنّ الأولى تجعلها تتآكل من الداخل حتى يجد المواطن نفسه أمام مؤسسات حكومية عاجزة عن الوفاء بأيّ التزام، لأنّ التزامها الوحيد هو للطائفة والعشيرة وليس للمواطن .

منذ سنوات وبدافع "التباهي" بالمعرفة، صدّعت رؤوسكم بدولة عربية احتلت مكانا متميزا بين بلدان العالم واعني بها دولة الامارات العربية ، وكان بعض القرّاء الأعزاء يهزّون أيديهم بالتأكيد كلما حاول "جنابي" ان يتحدث عن الحكم الرشيد ، يقولون: لقد أضجرتنا بأحاديثك العجيبة عن الامارات ومشاريعها ورفاهية شعبها ، وعن إصرار حكامها على تحويل جميع مواطنيهم إلى الرفاهية الاجتماعية. ياسادة هذا ما يفترض أن نكتب عنه. رفاهية الانسان التي هي اهم دعائم الحكم ، إلا اذا كانت المفاخرة بالفشل وغياب العدل الاجتماعي والشعارات هي النموذج الحقيقي لادارة بلاد الرافدين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram