علي حسين
أصبح أحد أشهر فلاسفة العصر الحديث، ولا تزال كتبه تثير شهية دور النشر، الفرنسي إدغار موران والذي احتفل بعيد ميلاده "الثاني بعد المئة" قبل ما يقارب الشهرين، يرى أن الأزمة التي يمر بها العالم ، أزمة شاملة، بل هو يراها أزمة فكر، ولهذا يطلق صرخته "لنستيقظ"، فنحن نيام وأول شروط اليقظة الاهتمام بالمؤسسات التربوية، وتقوية النقد والنقد الذاتي. وتشذيب مخالب البيروقراطية .
قبل أشهر أصدرت إحدى دور النشر السعودية ، اتمنى ان ينتبه جنابك جيدا ، قلت دار نشر سعودية تنشر لماركس ونيتشه وشوبنهاور وسارتر من دون ان يقتحمها رقيب ، مثلما تفعل اجهزتنا الامنية وهي تقتحم شارع المتنبي بدعوى تقويم اخلاق القراء ، آخر كتب موران بعنوان "مع ماركس وضد ماركس"، وفيه يحاول موران رد الاعتبار للألماني الذي مات معدماً، في هذا الكتاب يقرر موران الخوض في عالم شديد الغرابة والغموض، شديد التعقيد، ويحمل الكثير من المفارقات والسخرية السوداء، في صفحات كثيرة نجد موران لا يزال يحمل مشاعر دافئة تجاه كارل ماركس، يصرح دائماً بأنه كان ماركسياً، قبل أن يعتنق الماركسية، فهو لم يتوقف يوماً من التفكير والحوار مع ماركس الحقيقي، وليس ماركس الذي تريد له الأحزاب السياسية أن يعيش تحت أنقاض الماركسية .. وهو يرى أن تجربة الأنظمة الشمولية، التي فُرضت باسمه، أدت إلى تفاقم الانهيار الذي أصاب الأنظمة الشيوعية.
في بداياتي كنت متلهفاً لقراءة كتاب رأس المال وحين حصلت على نسخة منه بترجمة السوري انطوان حمصي لم أستطع قراءة الجزء الأول وحاولت أن أجد ضالتي في كتاب الفيلسوف البنيوي لوي ألتوسير "قراءة رأس المال" فوجدته، يقول "إن القراءة الحقيقية التي يمكنها أن تكشف عن رأس المال هي القراءة الفلسفية، فقد قُرئ الكتاب من قبل علماء الاقتصاد والمؤرخين، ولكنه لم يُقرأ من قبل فلاسفة، يكشفون عن جوهره الحقيقي" .
يروي لنا الكاتب الراحل خالد القشطيني حادثة طريفة عن عمه المرحوم ناجي القشطيني الذي كان رقيبا في بغداد في بداية الخمسينيات ، فقد أحضر صاحب المكتبة العصرية نسخة من راس المال لإجازته، فقرر الرقيب أن يأخذ نسخة الكتاب معه للبيت ليقرأه ومرت أشهر ولم يحصل صاحب المكتبة على جواب فاضطر إلى أن يراجع الرقيب.
*أستاذ ناجي هذا الكتاب فاتت عليه مدة طويلة، إما توافقون عليه حتى نوزعه وإما تمنعوه حتى نرجعه للناشر في بيروت.
- أي كتاب تقصد؟
*هذا اللي كتبه واحد شيوعي، يقولون عليه رأس المال؟
- تذكرت هذا أخذته للبيت، كل يوم أقرأ منه صفحة صفحتين فلا أفهم شيئاً، هو يعني إذا أنا ما أقدر أفهمه، الناس شلون راح تفتهمه؟ روح أخي، وزِّع هذا كتاب ميخوف.