TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بورصة الشهادات

العمود الثامن: بورصة الشهادات

نشر في: 11 سبتمبر, 2023: 11:15 م

 علي حسين

نضحك على أنفسنا، يضحكون علينا، نشاهد أحداثاً عشناها من قبل، شاركنا في تفاصيلها، انفعلنا بها، سكبنا أنهاراً من الحبر حولها، وفجأة تعرض علينا من جديد، فنتعامل معها كأننا نراها للمرة الأولى، وكأن هناك اتفاقاً غير معلن بيننا جميعاً على أن نشارك في مسرحية نحن جمهورها وممثلوها. ولم تنته المشاهد المثيرة التي قام بإعدادها قبل سنوات صاحب "صخرة بغداد"،

حتى أعدت لنا جهات سياسية وحكومية مشاهد مسرحية جديدة. ففي إحصائية مثيرة أجراها أحد الزملاء اكتشف أن أكثر من نصف المسؤولين والنواب حصلوا على شهادات عليا أثناء فترة الجلوس على كرسي المنصب أو عضوية البرلمان. وأضاف الصديق الذي أثق بدقة معلوماته، أن ثلاث دورات للبرلمان والحكومة أنتجت المئات من أصحاب الشهادات العليا، بل ذهب الغرام بالبعض منهم أن حصلوا على شهادات عليا باختصاصات لاعلاقة لها بما درسوه في الجامعة، فنجد أحد الوزراء يتحول من طبيب إلى ماجستير في العلوم السياسية، وآخر من روزخون إلى دكتوراه في علوم الاتصالات، وثالث يسجل رقماً قياسياً في شهادات التخرج فيحصل على بكالوريوس في الهندسة، وماجستير في علم النفس ودكتوراه في العلاقات الدولية.. أما عن ابطال فضائح الفساد فقد اكتشفنا أنهم جميعا حصلوا على الدكتوراه في القانون والعلاقات العامة ، وانهم يخططون لكي يجعلوا من الفساد المالي والاداري فقرة من فقرات النظام العام للدولة

لا أجد تفسيراً واحداً إلا أن ما يجري هو عبث من نوع خاص، عبث لا يختلف كثيراً عن تصريحات النائب مثنى السامرائي الذي يطالب بفتح ملفات الفساد، وأن يتولى "سيادته" التحقيق في هذه الملفات !

والأخطر من هذا أن يرفع البعض شعار"دعهم يمرّون" لترسيخ قواعد زواج الفساد بالمنصب الحكومي، ولينال المزوّرون التكريم والحماية، وليستعد الناس المساكين لظهور سياسي آخر يطالب بتأمين تشريعات تحمي الفاسدين في المرحلة المقبلة، وإقرار قانون يكفل البقاء للأفسد، والوقوف بصلابة ضد المغرضين من الذين يرفعون شعار المواطنة والكفاءة والنزاهة، لأنها شعارات أثبتت زيفها، فهي تريد الالتفاف على صوت الجماهير التي ما تزال تنتظر طلّة وزير آخر يحمل دكتوراه في الضحك على الشعوب..!

لا حدود في جمهوريات الفشل لأي شيء سوى المصالح الضيقة، لأن المصالح العليا هي المواطن العراقي الذي يجب أن يشعر بالأمان والكرامة والحرية والعدالة قبل الائتلافات والتحزبات الطائفية.

المواطن هو المستهدف وهو الاساس في الدول الديمقراطية.. حيث لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من تجمعات طائفية .

إذا لم يدرك ساسة العراق في هذه اللحظة أن مصلحة البلاد ليست فى شهادات مزورة أو فى تمكين أشخاص معينين من التحكم بشؤون العباد.. فإن "بورصة مزاد الشهادات " لن تنتهي أبداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram