TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ثرواتهم وسرقاتنا !!

العمود الثامن: ثرواتهم وسرقاتنا !!

نشر في: 12 سبتمبر, 2023: 09:56 م

 علي حسين

من على شاشات التلفاز نشاهد رجال أعمال عرب واجانب يتبرعون بمبالغ مالية ضخمة لدعم مشاريع خيرية ، ونقلت لنا الأنباء إن الملياردير الأمريكي وارن بافيت ماض في التبرع بكامل ثروته البالغة 65 مليار دولار إلى المؤسسات الخيرية التي تعنى بتطوير التعليم والصحة..

وكنت في هذا المكان قد أشرت قبل سنوات إلى الحملة التي أطلقها بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت تحت عنوان "التعهد بالعطاء" التي طالبت المليارديرات الأمريكيين بأن يتبرعوا بنصف ثرواتهم للأعمال الإنسانية والخيرية.. وهي بالتأكيد نسخة طبق الأصل من حملة مليارديريينا الجدد "التعهد بالنهب" حيث استطاع مسؤولونا "الأكارم" وبنجاح منقطع النظير تحويل ثروات البلاد إلى جيوبهم الخاصة .

طبعا، هناك فرق بين ثروة الأمريكي بافيت وزميله غيتس التي يهبونها لفقراء العالم وبين ثروات أغنيائنا الجدد الذين ينمون بها اقتصاد الدول التي يحملون جنسياتها من خلال حسابات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم، فالمليارات التي تبرع بها ساوريس أو غيتس جاءتهم من استثمارات ومشاريع أقاموها في بلدانهم درت عليهم الثروة، أما ثروات ساستنا فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وفساد مالي، وشعارات طائفية.. ولهذا نحن نظلم أنفسنا إذا حاولنا أن نلبس ثوباً ليس ثوبنا، أو أن نحاول تقليد ساوريس أو غيره، فنحن أمة علمت الناس القراءة والكتابة والفروسية وأيضا كيف يُنتهب مال المدارس والكهرباء والصحة والحصة التموينية في وضح النهار..

لا أتصور أن عاقلاً واحداً يمكن أن يطلب من فلاح السوداني وأيهم السامرائي أو مشعان او حنان الفتلاوي وقبلهم المئات أن يتبرعوا بجزء من غنائمهم لضحايا الإرهاب، أو أن يقرروا إنشاء صندوق لدعم مهجري الموصل وتكريت والأنبار.. فكيف تطلب من صاحب الثروة الحرام أن يفعل خيراً.. وكيف تطلب من مسؤول استغل وظيفته لمنفعته الشخصية أن يوقف مالاً من أجل أبناء جلدته؟!

انظروا أين نحن بعد 20 عاما من الكلام عن التغيير ورفض التدخل الخارجي والمؤامرة الكونية وتأسيس نظام ديمقراطي لعراق جديد من 328 محافظة تسمى كل واحدة باسم نائب، حتى نقيم بعدها الأفراح ابتهاجاً بعرس الديمقراطية وتنفيذاً لوصية السيد إبراهيم الجعفري التي أوصانا بها مشكوراً في آخر خطبة ملحمية له: "لابدَّ أن نُسجِّله عيداً، ونتعالى على كلِّ الجزئيّات".

في كل يوم أعيد على نفسي سؤالاً واحداً: ترى لماذا ينبت التغيير في بلدان العالم وروداً للبهجة والإقبال على الحياة، بينما تحوّل في هذا البلد المظلوم "العراق" إلى سُحب من الكآبة والخوف من المستقبل المجهول؟.. للأسف الطبقة السياسية في العراق لم يشغلها مستقبل الناس ولا احتياجاتهم بقدر انشغالها بمعارك المحاصصة الطائفية والانتهازية السياسية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram