TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دراويش السياسة

العمود الثامن: دراويش السياسة

نشر في: 13 سبتمبر, 2023: 10:07 م

 علي حسين

الكثير من سياسيينا ومسؤولينا يصدعون رؤوسنا ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة. لكن 99% منهم لا ينفذون شيئاً مما يقولونه.

مسؤولون تعددت صورهم وأشكالهم، يلبس البعض منهم عباءة الفضيلة ليداري رذائله، روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحول بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس، يتحدثون عن العدالة والحق ولكنهم يمارسون الظلم والانتهازية .

أتذكرهم كلما شاهدت واحداً منهم تتلبسه حالة الدروشة وهو يجلس في إحدى الفضائيات، أتذكرهم كلما خرج واحد منهم يستذكر زهد وعدالة الإمام علي بن أبي طالب، وكنت وما زلت اتمنى لو أنهم وقفوا وقفة حقيقية أمام سيرة الإمام وتعلموا منها، لكن للأسف فقد ابتلينا بمسؤولين يتحدثون باسم الدين ويسرقون باسم الديمقراطية، يصدعون رؤوسنا ليل نهار بخطب عن الحق والعدالة والمظلومية لكنهم في الوقت نفسه يمارسون انتهازية سياسية باسم الطائفة والمذهب والمكون والتوازن والمحاصصة، يدفعون بالعراق كل يوم لأن يحتل قائمة الدول الفاشلة ويتذيل قائمة الدول السعيدة.

هل تساءل أحدهم كيف مارس الإمام علي السلطة بأعوام خلافته؟، لم يجد الإمام في الخلافة حقاً استثنائياً في المال والأرض، فساوى نفسه مع الجميع، رفض أن يسكن قصر الإمارة ونزل مستاجراً في منزل يملكه أفقر فقراء الكوفة، سيقولون هذه مثالية مطلقة، لأنهم استولوا على القصور الرئاسية وأصبحت بحوزتهم أجمل مناطق بغداد يسورونها خوفاً من حسد الشعب الجاحد، إنهم يعيشون مع الإمام علي ظاهراً ومع معاوية باطناً. تعالوا نرى ماذا فعل عندما طلب منه سادة قريش أن يميزهم بالعطاء، قال لهم "لو كان المال مالي لسوّيت بينكم فكيف والمال مال الله"، ومن هذا الاعتبار كان موقفه عندما أبلغ أهل الكوفة أنه لن يأخذ حصته من العطاء قائلاً:"يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي فحاسبوني". فهو يرى أنه موظف مسؤول أمام أموال المسلمين وأنها مسؤولية مقدسة لا يمكن التفريط بها وأن القدسية هي في الحفاظ على حياة الناس وأموالهم لا في الشعارات البراقة الكاذبة.

اليوم في ظل ارتفاع صوت الطائفية والعصبية القبلية أصبحت لغة المال والانتهازية والصفقات السياسية، تبرز أمامنا صورة ذلك الثائر الذي رفض أن يغض الطرف عن كل مظاهر الفساد، ورفض مهادنة رموز النفوذ، ورفض القبول بالمراوغة والانتهازية، فظلت ذكراه ملهمة لكل الثائرين من بعده وإلى الأبد.

علينا ندرس التاريخ لكي نستفيد منه لحاضرنا ومستقبلنا. هذا ما تفعله الشعوب الحية. ، الناس تريد نموذج ذلك الثائر في سبيل العدالة الاجتماعية ، لا نموذج يشيع الخرافة وينشر الاكاذيب وينهب مال البلاد والعباد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram