علي حسين
يملأ السياسيون حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات "صاغراً" لانتخاب من يمثله طائفياً، لاوطنياً. وبكل صلافة يتحول الكثير منهم إلى محللين اقتصاديين وخبراء في شؤون الطاقة الذرية، وأحيانا فقهاء في لباس المرأة ومكياجها. الكثير من هؤلاء يضحكون علينا في مواقف غير مضحكة، من عيّنة ما أخبرنا به الزعيم السياسي همام حمودي حين طالبنا بأن نشكر النعمة التي نعيش فيها بفضل الحكومة والأحزاب السياسية.
لعلّ أسوأ أنواع العاملين في السياسة، هم الذين فقدوا الإحساس بروح المواطنة، لستُ مطالباً أن أكتب بحثاً عن سنوات الخراب، أنا لا أملك سوى هذه الشرفة المتواضعة التي يريد لها البعض أن تُغلق "بالقفل والمفتاح"، لأنني أحيانا أتحرّش "بعقال الراس" مثلما أخبرني قارئ كريم محذراً متوعداً، أن العشائر خط أحمر. إذن، المسألة، أن كرامة العراقي وأمنه هي في إقرار النظام العشائري، وليست سرقة وطن في وضح النهار، والذي نعاني منه هو عدم السماح لشيوخ العشائر بتولي زمام البلد، وليس في تهجير خمسة ملايين مواطن عراقي، للأسف أن مثل هذه الألاعيب هي المسؤولة عما فقدنا من نفوس وثروات.
منذ شهور ونحن نتابع أخبار الدولار، وأخبرنا كبار المسؤولين أن هناك بعض المشاكل، وأن البعض يريد لنا أن نعيد الحياة إلى مصطلح "شدّ الأحزمة". الحكومة تضيق صدراً بسبب حوالات بسيطة تصل إلى مواطنين، وتحذرهم من التعامل بالدولار ، فالدينار هو الضمانة ، لكنها تتوقف عن مطارة الذين ينهبون نهب ثروات البلاد.. البرلمان أخبرنا ذات يوم وبصريح العبارة أن الدولار لن يتحكم بنا وسنسحقه .. لكنّ أزمة المواطن الذي يبحث عن لقمة العيش مع مصطلح "ارتفاع الدولار" مستمرة بنجاح، ونسبة البطالة تتضاعف ، والمخدرات تسرح وتمرح .
من يقدر من حضراتكم أن يعرف لماذا يعيش 30% من العراقيين تحت خط الفقر؟، ولماذا في بلاد التريليونات نجد ملايين الأشخاص يحتاجون إلى مساعدات غذائية؟.. أتمنى أن لا تتهموني بالتجني على الكتل السياسيةوالبرلمان واصحابه الأجلّاء ، فهذا جزء من تقرير دولي يحذر من انتشار الفقر في بلاد النهرين.
في دولةٍ لا يجد شعبها مستشفىً نظيفاً، ويغصّ بمكبّات النفايات، تقيم بعض الكتل السياسية مهرجاناًت للنهب المنظم، في لحظةٍ بات معها العراق مطروداً من قائمة الدول المرفهة، صار مطلوباً من العراقيين ألّا يأكلوا أو يناموا، لكي يؤمّن لصوص هذه البلاد مستقبلهم في العيش الرغيد مع الدولار !