علي حسين
تزدهر على أرض الرافدين هذه الأيام، صناعة الشعوذة، وتنتشر برامج ممارسة فنون الدجل والانتهازية على شاشات التلفزيون وفي الصحف ووكالات الأنباء.. فهناك النائب الذي أفلس في تقديم خدمة لناخبيه فراح يهاجم الإمبريالية العالمية التي تآمرت عليه وجندت مخابراتها لإسقاط مشروعه النهضوي..
وهناك من يخبرنا بأن مشروعه التنموي تم اغتياله لأنه رفض أن يساوم على إرث العراق وتاريخه، مجموعة أحاديث وقفشات يمضي معها العراقيون لياليهم ويحصون كل يوم، ما تحقق من وعود النواب، وما لم يتحقق، وكانت النتيجة بحدود صفرعلى صفر.. مَن مِن الناس سوف يتذكر أن أحد النواب أو المسؤولين قدم مشروعاً وطنياً خالصاً؟.. لكنهم يتذكرون حتماً أن نوابنا يتقاتلون من أجل مصالحهم بدليل أن العديد منهم يسعى اليوم إلى تحويل الانتخابات البرلمانية إلى دكاكين عائلية، فوجدنا النائبة التي تروج لشقيقتها في انتخابات مجالس المحافظات، وهناك من وضع صورة ابن عمه أو زوجته ويطالب الناس بأن تنتخبهم عملاً بالمثل الشعبي القائل "الشين اللي تعرفه أحسن من الزين اللي متعرفه" وبما أننا نعرف نوابنا الأفاضل جيداً وجربنا "مرّهم" وتجرعنا "علقمهم"، فما الذي يدفعنا إلى أن نجرب "علقماً" جديداً ممن لم تختبره حناجرنا؟.
لا يعترف النائب "الفاشل" بالخطأ ويعتقد أن "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل، فالأمور لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب" وحين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام.. فإن الأمر يدخل أيضا في قائمة "تجارب الهواة"، فلا مشكلة أن يتدرب "الفاشلون" لإدارة مؤسسات الدولة، وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب الاقتصاد، ويعتبرون الغناء رجساً من عمل الشيطان.
يكتب ستيفان زفايج في كتابة "عنف الدكتاتورية" أن الاعتبارات السياسية تنتصر دائماً على الأخلاق، ويروي لنا، كيف أن مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام..
ولأننا أيها السادة المشعوذون لا نملك غير أصواتنا، وانتم تملكون الحظوة والمال، فإننا نرفض أن نساق إلى مهرجان أبطاله مزيفو الوطنية، ولهذا فالحل الوحيد للوقوف أمام هذه النماذج هو أن نفرض كلمة “لا” ضد انتخابات مجالس المحافظات وأن نبدأ بحملة مقاطعة لهذا المهرجان المزيف ، وأن نتوقف عن التعامل مع ابطاله ، وأن نجعلهم يدركون جيداً أننا لسنا بحاجة إلى بضاعتهم الفاسدة.
الحل أن نجعلهم يدركون أننا لن نلقي عليهم التحية الانتخابية، أننا سنرفض كل شعاراتهم المزيفة، وأننا لن نقترب من دكاكينهم الانتخابية، وسنقاطع كل مؤتمراتهم،، وكل تصريحاتهم، وقبل كل شيء خطبهم وصرخاتهم.
سنصر على أن نقول لا، مرة ومرتين وثلاث، لكل المرشحين الذين يصرون على تحويل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة .