TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بوتكس رئاسي!

العمود الثامن: بوتكس رئاسي!

نشر في: 31 أكتوبر, 2023: 11:32 م

 علي حسين

أعرف أنّ النصائح والمناشدات ليست من شأن صحافي " على باب الله " مثل جنابي، لكنّي مع كل حكومة جديدة تصل إلى كراسي السلطة، أعيش في حالة من التمني في زمن يرى فيه البعض من منظري الفضائيات أنّ إرضاء المواطن عيب وجريمة.

اليوم نعرف جميعاً أنّ الخراب لا يحدث إلا في ظل مسؤول لا يسمع سوى صدى صوته، ولا يعود هناك متسع لمستشارين يقدمون النصيحة، بل أصوات مقربين "حبابين" ينتقلون بخفة ورشاقة من مسؤول إلى آخر .

في كل دول العالم يسبق المسؤول، مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من "الحزب والعشيرة" وتضاف لها هذه الأيام العائلة وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء. ويعتقد أن التفويض الذي منحته له الناس في صناديق الاقتراع، يسمح له بأن يتجاهل معايير العمل الحقيقي والجاد.

ولهذا عزيزي القارئ إذا أردت أن تعرف كيف تدار أمور 40 مليون عراقي، فأتمنى عليك أن تقرأ هذا الخبر المثير: "استقبل رئيس الجمهورية في القصر الرئاسي خبير التجميل اللبناني، نادر صعب"، هل انتهى الخبر؟، لا ياسادة فقد أخبرنا خبير التجميل أنه ناقش مع فخامة الرئيس موضوع التطورات في القطاع الصحي وضرورة فتح مستشفى للتجميل "البوتكس" من أجل أن تصبح بغداد مرجعية للعالم العربي في هذا المجال.

ماذا نفعل ياسادة عندما نقرأ مثل هذا الخبر؟، وعندما يقف الطبيب وهو يبتسم وسط الحرس الرئاسي؟، بماذا يذكرك هذا الإنجاز التاريخي الذي عجزت اليابان وسنغافورة عن تحقيقه؟، أنه يذكرني بالنشيد الذي كتب ولحن ابتهاجاً بالمنجزات الكبيرة التي كانت قد حققتها وزيرة الصحة السابقة عديلة حمود.

للأسف، المقربون من أصحاب الفخامة والمعالي والسيادة ستدلك عزيزي المواطن المغلوب على أمره على أبعاد المحسوبية التي تتم فيها إدارة مؤسسات الدولة. وإذا لم تصدق عليك أن تراجع قائمة أسماء المستشارين في معظم الرئاسات، وكيف أننا أعدنا إلى الخدمة عدداً من كبار "الجهابذة" في ستراتيجيات بناء الدول، وطرق التنمية.

نقرأ الكثير عن مستشاري الرؤساء، فقد كان الرئيس ديغول محاطاً بالكاتبين أندريه مالرو وفرنسوا مورياك. وفيما عيّن ميتران الفيلسوف ريجيس دوبريه مستشاراً له.. وصنعت سنغافورة نهضتها العظيمة أولاً من خبرة رجال أكفاء اختارهم لي كوان بعناية، وثانياً من النزاهة، والفارق كبير بين الذين يضعون مصلحة الدولة والناس أولاً والذين يريدون إرضاء الأحزاب السياسية.

إن القوى السياسية في بلاد الرافدينلا تزال تصر على إعلاء شأن المحاصصة والطائفية، تُصر على أن لا استقرار من دون تقاسم الحصص. وأن تبقى مؤسسات الدولة حبيسة أسماء ساهمت وروجت للخراب والشعوذة ، واضيف لها مؤخرا "البوتكس".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    يا فخامة الرئيس عليك أن تلتقي باطباء معالجة السرطان المنتشر بدلاً من خبير الشفط والبوتكس والفلر.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram