TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمودسلاما ياعراق عدد(2617)

عمودسلاما ياعراق عدد(2617)

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 07:23 م

عرفته من مشيته

كنت محظوظا بعض الشيء قبل ليلة البارحة. لا تذهبوا بعيدا فتتصورون أني فزت بجائزة كبرى. حظوظ العراقيين صارت مثل طموحاتهم التي هانت حتى لأدنى طموح غير مضمون.
القصة وما فيها اني كنت في النادي اليوناني الصغير الذي يقع في شارع عماد الدين بالقاهرة. كنت لوحدي ترافقني "النوت بوك" أتصفح بها مواقع الانترنت. وهناك دخل مثقف مصري اكن له احتراما كبيرا فصار جليسي. تركت المناجاة مع الانترنت اذ لا يصح ان يتناجى اثنان دون الثالث.
اقل من نصف ساعة مرت، وإذا بعراقيين قد دخلا. أحدهما من اهل كار "الثقافة"، والآخر حدست  من "مشيته" انه ذو منصب حكومي وقد جاء من العراق في مهمة "ايفادية". قلت بداخلي "صاحت الفرسان طب طاعونها". وبعد أن سلما وجلسا معنا اكتشفت ان حدسي كان صحيحا. لم يخف الضيف الحكومي انه يعرفني لكنه بالمقابل لم يخف أيضا عدم ارتياحه لرؤيتي. ومن دون أن اطيل عليكم، كان الأخ منزعجا مني لاني أنقد الحكومة  وأترك الاطراف الاخرى، حسب قوله. سانده صاحبي في "الكار" مضيفا من خياله انه نصحني بذلك كثيرا فلم استجب.  وصار يمتدح الحكومة بطريقة لا تخلو من تشكيك بنا، نحن الذين نكتب في "المدى". انها الاسطوانة ذاتها التي ليس عند المدافعين عن الحكومة غيرها. حاولت باختصار ان أوضح له بان لكل كاتب "كعبته" الخاصة ييمّم وجهه صوبها حين يكتب. وانا "كعبتي" بغداد. أولوياتي هي الآن مدننا البائسة وناسها المغلبون على أمرهم والمضحوك عليهم باسم الحرص علي بيضة الدين او المذهب. عدا ذلك فأهل كل "مكة"، عربا كانوا أو كردا او فرسا او أتراكا، أدرى بشعابها.  فلو زار رئيس الحكومة الف دولة عظمى وظهر في الف برنامج وقال ما قال عن نفسه، فلا يهمني ذلك ما دامت "زنوبة تبيع كلينكس بالشوارع وحمودي يبيع علاليك"، و "حسنة" تغبّش للمسطر بالعمارة تنافس الرجال العاطلين والباحثين عن فرصة عمل شأنها شأن الف "حسنة" أخرى في الكاظمية وكربلاء والثورة والناصرية والبصرة وغيرها. سأظل أنقده ما دام الشعب بلا كهرباء والإرهابيون يسرحون ويمرحون بالبلاد ويستطيعون الخروج من السجن متى شاؤوا. سابقي هكذا لأني أرى الأطفال تبحث عن قوتها في المزابل، ونصف شباب العراق ان لم يكن ثلاثة أرباعهم، بدون عمل. انقده لا دفاعا عن غيره. أما الأسماء، التي ظننت انك وغيرك ستحرجني او تحرج زملائي بالجريدة لأننا لا ننقدها، فأقول لك أعطني واحدا من الذين ذكرتهم بيده ميزانية البلد ويمتلك إصدار قرار حكومي لإنقاذ "زنوبة" و"حمودي" من الضياع. دلني عليه. وان ولم يفعل، فسترى ماذا نفعل به. ان  رئيس الوزراء يا "صاحبنا" هو الذي يقود السلطة التنفيذية وأخواتها، وتحت تصرفه أموال ميزانية تحلم بها الدول الكبرى. لكنه ارتضى لنفسه ومقربيه، ومن يدور في فلكه، عيشا كريما ومرفها تاركا العراق في أعلى قائمة أتعس البلدان في العالم، من حيث انعدام الأمن والخدمات وغياب فرص العمل مع غياب الحريات وحقوق الإنسان.
تنحنح ذو المنصب، بعد أن سحب أقسام لسانه صوب حنجرته بصعوبة، فنطق. نطق فورط نفسه مع المثقف المصري، وليس معي، هذه المرة. ربك ما يكطع كما يقولون.
للحكاية تتمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: رايات وولاءات

العمود الثامن: خزعبلات عالية نصيف!

لنستفد من الصين بذكاء.. لا بانشاء جامعة متخصصة

قناطر: قمة بغداد العربية. . معادلة البقاء والزوال

التعليم بين الورقة والذاكرة الرقمية: جيلان لا يلتقيان!

العمود الثامن: خزعبلات عالية نصيف!

 علي حسين بالأمس وأنا اتجول مع الصديق الشاعر زعيم نصار، توقفنا عند بائع كتب يعرض بضاعته الثمينة على الرصيف، فلمحت من بين الاغلفة البراقة غلاف رواية "الجحيم" للفرنسي هنري باربوس وكنت قد قرأتها...
علي حسين

قناطر: شعبوية الحكم وجوهر الثقافة

طالب عبد العزيز نقابياً، لا تشبه المجموعة المثقفة(شعراء، كتاب، فنانون..)أيَّ مجموعة نقابية أخرى، فهي لا تشترط على المتقدم للإنتماء لها حصوله على شهادة جامعية مثلاً، كما هو الحال في نقابة الأطباء والمهندسين والمحامين والاقتصاديين...
طالب عبد العزيز

لم تعد باريس كما كانت بوجود سارتر وبعد غيابه

د. جواد بشارة في أحد أيام شهر نيسان، وبالتحديد يوم الخامس عشر من أبريل نيسان 1980، خرجت هائماً على وجهي تغزوني مشاعر الحزن لأنني سوف لن أنظر إلى باريس كما كنت أنظر إليها قبل...
د. جواد بشارة

كيف ولماذا أضعف ترامب القوة الاستراتيجية للمجتمع المدني؟!

فيرونيك تشابورين ترجمة : عدوية الهلالي يبدو أن دونالد ترامب بدأ منذ الأشهر الأولى من ولايته في تفكيك القوى المضادة في الولايات المتحدة. وفي مواجهة هذا الهجوم، أظهر المجتمع المدني الأميركي قدرة غير مسبوقة...
فيرونيك تشابورين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram