TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العراق خالٍ من الفخامات

العمود الثامن: العراق خالٍ من الفخامات

نشر في: 5 نوفمبر, 2023: 11:06 م

 علي حسين

كلما يدور حديث عن المصالحة التي تحولت في الآونة الاخيرة إلى إعادة قانون الاجتثاث، أتذكر الراحل نيلسون مانديلا، وأخشى أن أسال: لماذا لا يوجد مانديلا عراقيّ؟ لأنني في كل مرة أشاهد وأسمع عدداً من الساسة يتحدثون عن مآثرهم في المصالحة، حتى أنّ خطيب العراق إبراهيم الجعفري خرج ذات يوم صارخاً، نادباً: "مانديلا العراقيّ موجود، التفتوا حولكم وسترونه جيداً"،

 

الغريب أنّ العاملين في الصحافة من أمثال جنابي ضعاف البصر والبصيرة، عن مانديلا عراقي لم يجدوا غير ظلال "فخامته" التي تريد أن تعيد لنا ألاعيب السنوات الماضية، وسندات محمود الحسن و"ونزاهة " مثنى السامرائي، وإطلالة عالية نصيف، وسهرات مشعان الجبوري وعبقرية محمود المشهداني.

يبدو الحديث عن مانديلا في هذه الزاوية الصغيرة والمتواضعة، أشبه بالحديث عن حلم عاشه رجل في زنزانة ضيقة وحين أطلق سراحه عمل جاهداً على المحافظة على بلد متماسك بكل ألوانه، كان الأمر في البداية أشبه بالمستحيل، فالكل يشحذ سكاكينه، والكل يتهيأ لحرب الانتقام، وكان أمام العجوز الذي خرج منهكاً من المعتقل خياران، الأول أن يبدأ حرب الانتقام ضد البيض الذين حكموا مواطنيه الأفارقة بقوانين تساويهم بالحيوانات، والخيار الثاني أن يحافظ على أمن وسلامة البلاد وروحها، فاختار الطريق الثاني، وهو ألاّ يلغي أحداً، ليفاجئ العالم بسياسة اليد الممدودة، مؤكداً أن الإنسان الحق هو ذاك الذي لا يكرّر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه.

التسامح والغفران يتطلبان إيماناً بأن الأفكار مثلها مثل الأشياء تتحول وتتغير، لكنها تتغير داخل بلدانها، لا تتطلب مصافحة بين عمار الحكيم وملك الأردن، ولا الجلوس بخنوع أمام روحاني، ولا ركوب الطائرة لإقامة ليالي الأنس في جنيف.

للأسف يتشاطر البعض من سياسيي الصدفة على تصوير الأزمة العراقية على أنها خلاف بين طوائف الشعب، وأنها معركة بين معسكر قوى الإيمان من جانب وأعدائهم قوى الفحش والرذيلة، وبالتأكيد تعرف عزيزي القارئ أن قوى التقوى والإيمان هي الجالسين على كراسي البرلمان، ومعلوم لجنابكم أن قوى الشر هو الشعب المشاغب الذي يريد مدارس حديثة ومستشفيات نظيفة وشوارع وسكن وتنمية، وهذه أمور للدنيا ونحن شعب منذورين للآخرة.

اليوم لا يريد المواطن العراقي من أصحاب الفخامة والمعالي والسيادة، أن يعتذروا عن سنوات الخراب، وإنما نطالبهم بأن يختفوا تماماً من حياتنا، وعليهم أن يشكروا الله لو أن أحداً لم يحاسبهم على ما ارتكبوه بحق العراقيين من تضليل ومناصرة للفساد وترويج للطائفية واجتثاث من يختلف معهم ، فنحن في النهاية أمام مسلسل طويل من الفشل الذي ارتكب بحق هذا الشعب المسكين لا تكفي معها بحور من الاعتذارات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram