علي حسين
يبدو أن الكثير من مسؤولينا يعتقدون أننا بلاد مرفهة، تعيش أزهى عصور الاستقرار والتنمية، والمواطن العراقي يعيش قمة الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية، ولهذا لا بد من أن يُرفه المسؤول عن نفسه وعن حاشيته ومستشاريه.
في بلاد نتوهم نحن المغرضين من كتاب الأعمدة الصحفية أنها تعاني من أزمة سياسية خطيرة، بينما أخبرنا السيد مشعان الجبوري أن القضية مجرد "بح"، وفلسطين التي يبكي عليها ساستنا الأفاضل ، يُذبح أطفالها أمام شاشات الفضائيات، لكن المسؤول العراقي الذي أدى واجباته بكل "شفافية" لا يريد أن يرى ما يجري حوله، فيقرر أن يشد الرحال إلى بلدان العالم. وإذا كان هذا مفهوماً في أوضاع مستقرة، فإن غير المفهوم هو أن يقوم رئيس الجمهورية برحلة ثالثة إلى إيطاليا خلال مدة لم تتجاوز الخمسة أشهر بالتمام والكمال، فقد قرأنا بالأخبار صبيحة يوم السادس عشر من حزيران من هذا العام 2023 قيام رئيس الجمهورية بزيارة إلى إيطاليا، بعدها بأربعة أشهر قرر الرئيس أن يزور إيطاليا أيضا فخرجت علينا الصحف بخبر مفرح عن الزيارة يوم الخامس عشر من تشرين الأول من هذا العام أيضاً. ويوم أمس الأول الجمعة طمأنتنا رئاسة الجمهورية بأن الأمور عال العال، ولهذا قرر الرئيس ايضا أن يزور إيطاليا وبالثلاثة، ويمر بطريقه على الفاتيكان ليطمئن البابا أن قضية الكاردينال ساكو انتهت بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية قراراً برد شكوى ساكو واعتبار المرسوم الذي تم بموجه طرد ساكو من بغداد صحيحاً ودستورياً مئة بالمئة.. ولم ينس رئيس الجمهورية أن يخبر بابا الفاتيكان بأن أوضاع المسيحيين في العراق "بقى" لونها "بمبي" على حد تعبير المرحومة سعاد حسني.
لا أدري ما الذي يبحث عنه رئيس الجمهورية في روما، سيقول البعض ربما الرجل مغرم بالسينما الإيطالية، ويريد الاطمئنان على صحة النجمة صوفيا لورين التي أجرت عملية جراحية قبل شهر.
سيقول البعض يا رجل دع الرئيس في حاله، فقد حقق منجزاً كبيراً، عندما طرد " المشاغب " ساكو من بغداد ، وطمئن السيد ريان الكلداني ان لا احد بامكانه ان يقف بوجهه .
يقف العراق في هذه الأيام أمام قضايا مصيرية، الخلاف بين الأحزاب على تقاسم الكعكة وصل إلى مرحلة كسر العظم، فيما أحداث غزة تلقي بضلالها على المشهد العراقي. ومع ذلك تغاضى رئيس الجمهورية عن كل ذلك واعتبر أنها مجرد زوبعة ستنتهي ما دامت المحكمة الاتحادية موجودة، وفي كل الحالات زيارة روما ستحقق الرفاهية للشعب العراقي.
كان العراقيون يأملون أن تكون رسائل الرئيس العراقي مطمئنة لهم. لكن الرئيس أبى إلا التوقف عند متاحف روما وقصورها والبحث عن الجميلة صوفيا لورين ، فلا مكان لمشاكل العراقيين في هذه الإطلالات التاريخية والسينمائية .